فإذا ضمّ هذا إلى ما فرض في مورد الحديث من تفويض المتنازعين أمورهم إلى اللّه بالاقتراع كان معنى ذلك سدّ باب القضاء: إمّا مطلقاً، أو في أيّ مورد للنزاع أمكن فيه القرعة _ بناءً على أنّها ليست مشروعةً في تمام موارد النزاع _ وذلك لأنّه مع وجود طريق قطعي يوصلهم إلى الواقع حتماً لا معنى لتشريع الرجوع إلى حكم القاضي الذي قد يخطئ وقد يصيب.
إلا أن يجاب على ذلك بحمل قوله: «إلا خرج سهم المحقّ» على الاقتضاء والأماريّة لا على دوام الإصابة، أمّا فهم زرارة لدوام الإصابة _ كما يظهر من جوابه للطيّار _ فليس حجّةً لنا، على أنّه لعلّه قصد إفحام الطيّار بأوضح جواب.
الثالث _ أن يقال: إنّ هذا الحديث يدل على مشروعيّة القرعة في مورد وجود حلٍّ آخر شرعي، وهو الترافع لدى الحاكم، فإنّ هذا الحديث ورد في فرض النزاع، وتشخيص المُحقّ منهم بالقرعة، بينما هناك طريق شرعي لتشخيص المُحقّ، وهو الرجوع إلى القاضي وتطبيق القاضي لقوانين القضاء في المقام، ومن الواضح فقهيّاً عدم حجّية القرعة مع وجود حلّ آخر شرعي.
إلا أن يجاب على ذلك بأنّ الرواية بعد ضمّها إلى ارتكاز عدم حجّية القرعة عند وجود طريق آخر لا يبقى لها إطلاق لفرض إمكانيّة الرجوع إلى القاضي، إلا في مورد تكون وظيفة القاضي أيضاً هي الرجوع إلى القرعة.
الرابع _ أن يقال: إنّ الرواية لا ظهور لها في حجّية القرعة، لا بمعنى الحجّية القضائية بأن يكون للقاضي حقّ إرغام الخصمين على الخضوع لها، ولا الحجّية الذاتية بأن يكون المتنازعان مرغمين شرعاً على الاقتراع والخضوع لنتيجة القرعة، وإنّما دلّت على مشروعيّة أن يتراضيا فيما بينهما بالقرعة؛ وذلك لأنّ التعبير جاء هكذا: «ليس من قوم فوّضوا أمرهم إلى اللّه ثم اقترعوا إلا خرج سهم المحقّ»، فخروج