المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

757

ما ليس لهما من أين يخرج سهم أحدهما؟ فقال زرارة: إذا كان كذلك جعل معه سهم مبيح فإن كانا ادّعيا ما ليس لهما خرج سهم المبيح»(1).

ويمكن النقاش في الاستدلال بهذا الحديث على القرعة من وجوه:

الأول _ عدم انتهاء الحديث إلى المعصوم. وقول زرارة: «إنّما جاء في الحديث: بأنّه ليس من قوم فوّضوا أمرهم إلى اللّه، ثم اقترعوا إلا خرج سهم المحقّ» لا يدل على كون زرارة هو الذي سمع هذا الحديث من الإمام مباشرةً، فالحديث بحكم المرسل.

إلا أن يقال: إنّ ظاهر كلام زرارة خصوصاً في قوله: «بلى هي حقّ» هو إخباره عن صدور هذا الحديث عن المعصوم حقّاً، وهذا الإخبار _ كأيّ إخبار آخر يحتمل فيه الحسّ _ محمول على الحسّ أو ما يقاربه، فهذا دليل على أنّ ورود هذا الحديث عن المعصوم كان لدى زرارة حسّيّاً أو قريباً من الحسّ، كما لو كان ثابتاً لديه بالتواتر، أو بالخبر المحفوف بالقرائن مثلاً.

إلا أنّ هذا البيان قابل للمناقشة؛ ذلك لأنّه إن أُريد إجراء أصالة الحسّ في قوله: «إنّما جاء الحديث...»، فهذا لا يعني الإخبار الحسّي بصدور هذا الحديث من المعصوم، وإنّما يعني ورود حديث من هذا القبيل عن المعصوم، أمّا صدق محدِّثه حتماً فليست في هذا التعبير دلالة على الإخبار عن ذلك، وإن أُريد إجراء أصالة الحسّ في قوله: «بلى هي حقّ»، فهذا ظاهر في الفتوى لا في نقل الرواية.

الثاني _ أن يقال: إنّ هذا الحديث يدل على قطعيّة إصابة القرعة وأنّها لا تخطئ، ولذا ذكر زرارة في جواب إشكال الطيّار: أنّ القرعة ليست للتجربة، وإنّما هي لموردِ ما إذا فَوَّضوا أمرهم حقّاً إلى اللّه، ولم يذكر في جوابه: (أن القرعة ليست دائمة الإصابة).


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص188، الباب 13 من كيفيّة الحكم، ح4.