المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

750

مقاييس تشخيص المدعي والمنكر في هذا النزاع، وبقطع النظر عن النزاع الأول نهائياً.

وهذا هو المناسب للاعتبار العقلائي أيضاً، فإنّ النكتة في نفوذ الإقرار عقلائياً هي أحد أمرين:

الأول _ أنّ معنى الإقرار هو إنهاء النزاع بالتسليم للخصم.

والثاني _ هو قوّة الكشف الموجودة في الإقرار. والأمر الأول لا يكفي عندنا كنكتة كاملة لحجّية الإقرار بكلّ آثارها الفقهية؛ لأنّ إنهاء النزاع بالتسليم للخصم فعلاً شيء، وحجّيةُ الإقرار _ بمعنى إصدار الحكم من القاضي لصالح المُقَرِّ له، وبمعنى أنّه لا تحقّ له إثارة النزاع مرّةً أُخرى _ شيءٌ آخر لا علاقة له بذاك. وعلى أيّ حال فسواء فرضنا النكتة العقلائية لنفوذ الإقرار هي الأمر الأول، أو الثاني، أو مجموعهما، فهي تقتضي ما قلناه، ولا تقتضي ما قالوه:

أمّا كون الإقرار إنهاءً للنزاع بالتسليم للخصم فهذا ثابت في المقدار الذي اعترف به للخصم في المقام؛ أي: إنّه سلّم لما يقوله خصمه من الدين، وأحدث نزاعاً جديداً، وذلك بدعوى الوفاء _ مثلاً _، فلم لا تُنهي المحكمة النزاع حول أصل الدين وتُخضِع دعوى الوفاء لقوانين باب المرافعة في حدّ ذاتها بشكل منفصل نهائياً عن النزاع الذي انتهى؟!

وأمّا كاشفية الإقرار فهي ثابتة بقوّتها في المقدار الذي اعترف به المقرّ لخصمه، وليست ثابتة في دعواه الأُخرى التي ينكرها الخصم، فلماذا هذا الربط بين ما أقرّ به وبين مدّعاه؟! وإنّما الذي يقتضيه الاعتبار هو الأخذ بإقراره فيما أقرّ به ومحاسبة ما ادّعاه حساباً مستقلاً.

نعم، هذا لا يعني أن يكون عِب‏ءُ إثبات ما ادّعاه عليه دائماً، بل لابدّ من الرجوع إلى قوانين المرافعة فيما ادّعاه بشكل منفصل عن النزاع الأول، فلو ادّعى _ مثلاً _