هذه هي الأدلّة التي يمكن الاستدلال بها على حجّية الإقرار في باب القضاء.
دائرة نفوذ الإقرار
وبعد ذلك يجب أن نرى أنّ المستنتج من مجموع هذه الأدلّة أو الصحيح منها هل هو نفوذ الإقرار في القضاء على الإطلاق؟ أو هناك بعض موارد باقية تحت الشكّ في النفوذ؟
فنقول: قد ظهر من مجموع ما مضى أنّ حديثاً مشتملاً على الإطلاق الواضح سنخَ «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» غير ثابت سنداً، وإنّما هناك بعض الروايات الواردة في موارد خاصّة دالّة على نفوذ الإقرار، من قبيل ما دلّ على نفوذ إقرار بعض الورثة في حصّته حينما يشهد بدين في مال المورِّث، ويتعدّى منه إلى سائر الموارد: إمّا باليقين بعدم الفرق، أو بانعقاد دلالة لفظيّة ببركة ارتكاز عدم الفرق، ومن هنا قد يحصل التشكيك في بعض الموارد بدعوى احتمال الفرق، وذلك كما في الموارد التي ينتهي نفوذ الإقرار فيها إلى القتل، أو قطع العضو، أو نحو ذلك ممّا قد يحتمل الفرق بينه وبين مثل قضية مالية بحتة واردة في روايات إقرار الوارث مثلاً، وأمّا الإجماع والارتكاز فهما دليلان لُبّيّان، فقد يُشكَّك في شمولهما لمورد مّا، خاصّةً مع ورود ما دلّ على عدم نفوذ الإقرار مرّةً واحدةً في السرقة ولو لم يتمّ سنداً.
والواقع أنّه لا ينبغي الإشكال في استقرار الارتكاز العقلائي على نفوذ الإقرار مطلقاً، وكذلك ارتكاز المتشرّعة في زمان المعصوم الذي هو مستند إمّا إلى الارتكاز العقلائي، أو إلى نفس الشريعة، ولا محلّ للتشكيك في ذلك إلا بقدر ما ورد في بعض الروايات من الردع عن ذلك، ولم يرد ردع عن نفوذ الإقرار إلا في موارد معدودة:
المورد الأول: بعض الحدود التي لا يكفي فيها الإقرار إلا أربع مرّات، فهذا ردع عن