المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

734

بالبيّنات والأيمان، وأمّا نفوذه على المستوى الثاني فقد يفترض تنافيه مع اطلاق حصر القضاء بالبيّنة واليمين.

ولكن الظاهر أنّ هذا الإطلاق منصرف عن كونه في مقابل الإقرار؛ لأنّ ارتكاز نفوذ الإقرار عقلائياً يمنع عن تكوّن إطلاق من هذا القبيل، ولا أُريد الآن أن ادّعي حجّية هذا الارتكاز لإثبات نفوذ الإقرار، وإنّما أقول: إنّ هذا الارتكاز حتى لو لم يكن حجّةً يمنع عن تكوّن الإطلاق، فإنّ المداليل اللّفظية اللّغوية للكلمات ليست هي المقياس الوحيد في اقتناص الظهور والإطلاق، بل للمناسبات والارتكازات أثر ملحوظ في ذلك.

دليل نفوذ الإقرار

أمّا الدليل على نفوذ الإقرار فقد يستدلّ على ذلك بالكتاب، وأُخرى بالسنّة، وثالثةً بالإجماع، ورابعةً بالارتكاز:

أمّا الكتاب، فبآيات من قبيل قوله تعالى:

﴿وَإِذْ أَخَذَ اللّٰهُ مِيثٰاقَ النَّبِيِّينَ لَمٰا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتٰابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جٰاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمٰا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قٰالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قٰالُوا أَقْرَرْنٰا قٰالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّٰاهِدِينَ﴾(1) ومن الواضح أنّ الإقرار هنا بمعنى التعهّد وإعطاء الميثاق، لا بالمعنى المقصود في المقام، ولا علاقة لمورد الآية بما نحن فيه أبداً، كما أنّ المقصود بالشهادة في ذيل الآية _ على ما يبدو _ هي الشهادة عن الأُمّة التي كان النبي (صلى الله عليه و آله) _ في إعطائه للميثاق _ ممثلاً لها لا الشهادة على أنفسهم، ولو كان المقصود هي الشهادة على أنفسهم قلنا: لم تجعل هذه الشهادة موضوعاً للحكم الشرعي بالنفوذ.


(1) آل عمران: 81.