المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

713

والأُمومة والبُنوّة والأُبوّة وما شابه ذلك فهي أشبه بالحكم الشرعي من الحقّ، أمّا الحقّ فمنصرف إلى المال.

ويرد عليه _ بعد منع هذا الانصراف _: أنّه لو تمّ لم يتمّ في مثل حقّ القصاص، فهو حقّ كحقّ المال، ولا يشبه الحكم.

ويتأكدّ منع الانصراف فيما مضى من حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) «لو كان الأمر إلينا أجزنا شهادة الرجل الواحد إذا علم منه الخير مع يمين الخصم في حقوق الناس، فأمّا ما كان من حقوق اللّه (عزوجل) أو رؤية الهلال فلا»، فإنّ ما فيه من فرض المقابلة بين حقوق الناس وحقوق اللّه يبعّد فرض الانصراف إلى خصوص الحقّ المالي، بل الظاهر هو النظر إلى كلّ ما هو في مقابل حقوق اللّه؛ أي حقّ الناس بمعناه العام، فمقتضى إطلاقه ثبوت الحكم في جميع حقوق الناس عدا القصاص في القتل الذي يكون لثبوته نظامه الخاص به، وقد بحثناه فيما سبق.

والصحيح: أنّ المطلقات دلالتها تامّة على إطلاق الحكم، وأنّ رواية أبي بصير تقيّدها بخصوص الدين، وأنّنا نتعدّى من الدين إلى العين الخارجيّة بقرينة رواية عبدالرحمان بن الحجّاج الواردة في قصّة درع طلحة، فيكون النظر في الدين إلى الدين بما هو مال. وبهذا تتم فتوى المشهور.

إلا أنّ السيد الخوئي اختار أنّ الحكم مطلق يشمل جميع حقوق الناس. وأجاب عن المقيَّد للإطلاق بأنّنا نحمله على أنّ قضاء رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) كان صدفةً في الدين، لا أنّ الحكم خاصّ بالدين، والقرينة على هذا الحمل حديث محمد بن مسلم الصريح في ثبوت مطلق حقوق الناس بشاهد ويمين(1).


(1) راجع مباني تكملة المنهاج، ج1، ص35.