المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

706

لا إشكال في أنّ مقتضى القاعدة حرمة الحلف على نفي الواقع لدى الجهل به، بل مقتضى القاعدة حرمة نفس الإخبار عن نفي الواقع بلا حلف لدى الجهل به؛ لأنّ الإخبار عن شيء إخبار عن العلم به، وهو كذب. مضافاً إلى النصوص الناهية عن الحلف بغير العلم(1)، ولكن قد يتصوّر جواز الحلف على نفي الواقع اعتماداً على الظاهر بدعوى قيام الأمارة أو الأصل مقام العلم الموضوعي.

وهنا لا نقصد البحث عن مدى صحّة قيام الأمارة أو الأصل مقام القطع الموضوعي، ولكنّنا نقول: لو صحّ ذلك فهذا إنّما يعني رفع الحرمة التكليفيّة عن الحلف على نفي الواقع اعتماداً على الظاهر، وهو أجنبي عمّا نحن فيه، فإنّ المقصود فيما نحن فيه هو أنّ الحلف على نفي الواقع اعتماداً على الظاهر الذي جعل المنكر منكراً هل له قيمة أزيد من نفس ذاك الدليل الظاهري الذي يعرفه القاضي قبل أن يحلف المنكر أو ليست له في نظام القضاء قيمة إضافيّة، وإنّما المنكر يستفيد من جهل القاضي بالحال فيعمّي عليه ويخيّل له أنّ هذا حلف على نفي الواقع اعتماداً على العلم لا اعتماداً على الأصل أو الأمارة؟ وحينما يطرح السؤال بهذا الشكل فالجواب واضح؛ إذ ليس المفهوم عرفاً من دليل الحلف أن تكون له قيمة إضافيّة على نفس الحكم الظاهري الذي يعرفه القاضي قبل حلف المنكر، أمّا التعمية عليه وحرف القضاء عن مسيره الأصلي فهو حرام طبعاً.

وما قد يتخيّل من دلالة بعض الروايات على صحّة الحلف على نفي الواقع اعتماداً على الظاهر أو على الأمارة غير تام، وذلك من قبيل رواية أبي بصير الواردة في من ورث الدار من أبيه ولا يدري كيف كان أمرها حيث تقول: «أكثرهم بيّنةً


(1) راجع وسائل الشيعة، ج16، ص150، الباب 22 من الأيمان.