المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

699

وثانياً _ أنّه حتى في فرض دعوى المنكر الجزم لا يدل هذا الحديث على ضرورة كون الحلف على نفي الواقع، فلعلّ هذا أحد فردَيْ التخيير اختاره الإمام (عليه السلام) وكان واضحاً أنّ امتناع الأخرس المدّعي للجزم لم يكن امتناعاً عن خصوص هذا الفرد من فردَيْ التخيير، بل كان امتناعاً عن الحلف بما هو حلف، سواء تعلق بنفي الواقع أو بنفي العلم.

2_ ورواية ابن أبي يعفور التامّة سنداً أيضاً عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «إذا رضي صاحب الحقّ بيمين المنكر لحقّه فاستحلفه فحلف أن لا حقّ له قِبَلَه ذهبت اليمين بحقّ المدّعي، فلا دعوى له، قلت له: وإن كانت عليه بيّنة؟ قال: نعم، وإن أقام بعد ما استحلفه باللّه خمسين قسامة ما كان له...»(1) ، فهذه الرواية أيضاً فرضت الحلف على نفي الواقع.

ويرد عليه: أوّلاً _ أنّ هذه الرواية موضوعها فرض الجزم، فإنَّ كلمة المنكر ظاهرة في الجزم بإنكار الواقع، فلا تدل على عدم كفاية الحلف على نفي العلم من قبل غير العالم.

وثانياً _ أنّنا لا نقول بمفهوم الشرط، فالرواية لا تدل على عدم العبرة بالحلف بنفي العلم حتى بالنسبة للجازم، فإنّ الجازم بالنفي إن حلف بنفي العلم كان صادقاً.

وثالثاً _ قد يقال: إنّ الرواية غاية ما يفترض فيها دلالتها على أنّ اليمين التي تذهب بحقّ المدّعي بحيث لا يبقى له مجال لإقامة البيّنة إنّما هي اليمين على نفي الواقع، وهذا لا ينافي افتراض أنّ اليمين على نفي العلم تُجزي لحكم الحاكم وإن كان المدّعي له الحقّ بعد هذه اليمين وقبل حكم الحاكم أن يقيم البيّنة على مدّعاه، إلا أن يقال بأنّ


(1) نفس المصدر، ص179، ح1.