المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

694

بينه وبين مسلم في مال معيّن هل هو له أو للمسلم، فتحاكما إلى قاضي المسلمين. أمّا التحاكم على مثل الجرح والقطع أو إتلاف المال مثلاً فقد يقال: لا مورد للقضاء فيه لعدم مصونيّة له بمعنى يوجب الضمان، غاية ما هناك الحرمة التكليفيّة لأكل ماله أو للجرح أو القطع لكونه في أمان، أو لافتراض أنّ إيذاءه بالجرح والقطع من قبل فرد مسلم غير جائز حتى لولا الأمان؛ لأنّ عدم مصونيّته في هذه الأمور يعني عدم ضمان الدية، لا جواز الإيذاء تكليفيّاً، ومجرّد الحرمة التكليفيّة لا تكفي موضوعاً للقضاء إلا في المال الخارجي الذي يترتّب على ملكيّة الكافر له وجوب تسليمه إليه ما دام في أمان.

ومنها: ما لو وقع النزاع بينه وبين كافر آخر مثله بناءً على أنّ هدر دمه أو ماله إنّما هو في مقابل المسلم، لا في مقابل كافر آخر مثله، وتحاكما عند قاضي المسلمين، والقاضي وإن لم يجب عليه حفظ ماله بالقضاء؛ لأنّه ليس تحت أمان المسلمين، لكن هذا لا يحرّم عليه القضاء، فرغب أن يقضي بينهما بالحقّ.

وعلى أيّ حال ففي مورد من هذا القبيل لو وصلت النوبة إلى يمين الكافر ولم يكن مؤمناً باللّه تعالى فإحلافه باللّه لا موضوع له؛ إذ لا يشكّل إحراجاً بالنسبة إليه، والمتبادر عرفاً من دليل القضاء باليمين هي اليمين التي من شأنها إحراج الحالف.

ولا يبعد القول هنا بأنّ مقتضى إطلاق دليل القضاء باليمين هو تحليفه بما يعتقد به، ولو لم يعتقد بشيء لا سبيل إلى القضاء له باليمين، وليس ذلك مشكلةً في المقام؛ لأنّ القضاء له من قبل القاضي غير واجب، ولو كان في أمان فأمانه لا يشمل القضاء له بوجه غير مشروع، فعدم إمكان إثبات حقّه يكون لتقصير منه لا من قاضي المسلمين.