والثاني _ الأصل؛ لأنّ نفوذ الحلف باللّه في القضاء لا شكّ فيه، أمّا نفوذ الحلف بغير اللّه فلو شككنا فيه كان مقتضى الأصل عدم النفوذ.
لا يقال: إنّ الأصل في طرف المنكر يقتضي جواز الحلف بغير اللّه؛ لأنّ المنكر كلامه مطابق للأصل، ومقتضى حجّية أصل المنكر على الحاكم جواز حكمه لصالح المنكر بلا تحليف أصلاً، ولكن ثبت قيد التحليف بالنصّ، وهذا القيد مردّد بين الأقلّ _ وهو مطلق التحليف _ والأكثر _ وهو التحليف باللّه _. ومن الواضح أنّه متى ما دار الأمر في المقيّد المنفصل بين الأقلّ والأكثر يقتصر على الأقلّ.
فإنّه يقال: إنّ المفهوم عرفاً من دليل تحليف المنكر أنّ الحجّة القضائية _ في غير مورد النكول على الأقلّ _ إنّما هي اليمين، أو أنّ اليمين _ على الأقلّ _ جزء الحجّة، ولم يعدّ أصل المنكر وحده حجّةً بالحجّية القضائية، واليمين الحجّة تردّد أمرها بين الحلف باللّه ومطلق الحلف، والقدر المتيقن هو الحلف باللّه، وما عداه مشكوك الحجّية والنفوذ، والأصل عدم الحجّية والنفوذ، ولم تكن اليمين مجرّد قيد للحجّية القضائية للأصل حتى ننفي القيد الزائد _ وهو خصوص الحلف باللّه _ بالإطلاق. هذا كلّه في المسلم.
وأمّا الكتابي فهو باعتبار إيمانه باللّه يكون مشمولاً لإطلاق رواية سليمان بن خالد: «أضفهم إلى اسمي، وحلّفهم به»، وكذلك الأصل الذي ذكرناه يقتضي تحليفه باللّه، وروايات تحليفه بغير اللّه قد عرفت ابتلاءها بالمعارض مع عدم تماميّة جمع عرفي.
أمّا غير الكتابي فباعتبار عدم مصونيّة دمه وماله لا تصل النوبة إلى القضاء له من قبل قاضي المسلمين في غالب الأحيان، ولكن مع ذلك قد تصل النوبة إلى القضاء في بعض الموارد:
منها: ما لو كان في أمان بتعاهد معيّن مع المسلمين في ماله ونفسه، فوقع النزاع