المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

686

يتحوّل إلى المدّعي لو فصّل بأكثر من نصّ الدعوى، فقال: كنت مديناً له ثم وفّيت، وهذا أيضاً يعني في الحقيقة تحوّل النزاع من كونه نزاعاً على الدين إلى نزاع جديد، وهو النزاع على الوفاء، لا تحوّلاً للمنكر إلى المدّعي في نفس النزاع الأول. إذاً فسكوته في النزاع الأول كالنكول أو أشدّ؛ إذ كان عليه على تقدير الإجابة أن يقرّ أو ينكر، ويحلف على الإنكار.

وكلّ ما ذكرناه حتى الآن كان في فرض ما إذا لم يكن ظهور عمل الساكت _ كإبائه عن أداء الدين مثلاً _ دالاً عرفاً على إنكاره لما ادّعاه الخصم، وإلا كان هذا مصداقاً حقيقيّاً للناكل، وَلَحِقَهُ حكمُه بوضوح.

وقد يفترض أنّ المدّعى عليه يصرّح بالإنكار، أو يدل ظهور عمله على الإنكار، لكن لم يكن ذلك إنكاراً لما ادّعى عليه المدّعي من إقراضه إيّاه مثلاً، وإنّما كان إنكاراً للنتيجة وهي كونه مديناً له، كما لو خشي المدّعى عليه أنّه لو تكلّم حول الإقراض لتحوّل إلى رجل كاذب فيما لو أنكر الإقراض، أو الى المدّعي في النزاع الثاني فيما لو اعترف بالإقراض وادّعى أداء الدين، فرأى أن يقتصر على مجرّد إنكار كونه مديناً له، فهل يلحق هذا بالساكت؛ لأنّه سكت عن دعوى الإقراض، أو يعتبر منكراً؛ لأنّه أنكر كونه مديناً؟ الظاهر هو الأول؛ لأنّ النزاع _ كما عرفت _ يدور أوّلاً حول الإقراض، فلو ثبت الإقراض دار النزاع حول الأداء، وهو بالنسبة للنزاع الأول ساكت، وقد عرفت أنّ الساكت حكمه حكم الناكل.

وأمّا لو قال: إنّني غير عالم بالإقراض، وإنّما أنا عالم بأنّي لست مديناً له، وهذا يعني: إمّا أنّه لم يقرضني، أو أنّي قد وفيتُ الدين، فهل يكفيه الحلف على عدم الدين، أو يدخل هذا فيما يأتي _ إن شاء اللّه _ من مسألة إنكار المنكر للعلم بما يدّعيه المدّعي؟ الظاهر هو الثاني؛ لما عرفت من أنّ النزاع في الأداء إنّما تصل النوبة