عدم تمكّن المدّعي من الحلف
بقي الكلام في أنّه لو لم يمكن للمدّعي الحلف فماذا سيكون حكم الردّ عليه؟
وقد ذُكر لذلك تصويران:
الأول _ أن يكون المدّعي غير جازم بالدعوى، كما لو قلنا بجواز رفع الدعوى رغم عدم الجزم.
والثاني _ أن يكون المدّعي مدّعياً لغيره كولي اليتيم الذي يدّعي مالاً لليتيم؛ حيث قد يقال: لا ينفذ حلفه بشأن اليتيم، وإنَّ حَلْفَ كلِّ شخص إنّما ينفذ بشأنه هو دون غيره. فقد يقال: إنّ المنكر يتخيّر هنا بين الحلف والنكول؛ لعدم إمكان الردّ.
وقد يقال: إنّ للمنكر الردّ تمسّكاً بإطلاق دليل ردّ الحلف على المدّعي وإن كان المدّعي مجبوراً على النكول، فبالتالي يثبت الحقّ للمنكر.
وقد يقال في الفرع الثاني: إنّ كون المال لغيره لا يمنع عن الحلف ما دام جازماً.
وقد يقال ردّاً على الكلام الثاني: إنّ دليل الردّ منصرف إلى فرض إمكان تقبّل الردّ من قبل المدّعي بأن يحلف هو، والمفروض في المقام أنّه لا يستطيع الحلف، فليس المورد مشمولاً لدليل الردّ.
وتحقيق الحال: تارةً يقع في الفرع الأول، وأُخرى في الفرع الثاني:
أمّا الفرع الأول _ وهو فرض عدم الجزم بالدعوى فالمرافعة مع عدم الجزم بالدعوى تكون بأحد وجوه ثلاثة:
1_ في باب الاتّهام بالقتل، والقضاء في ذلك له نظامه الخاص مضى بحثه فيما سبق، وتبيّن أنّه لو لم يمتلكا البيّنة ولا قسامة خمسين بَرِئت ساحة المتّهم.
2_ فيما إذا كانت القضيّة مشكوكة للطرفين، كما في الولد المردّد بين شخصين واقعا امرأة في طُهر واحد، أو في المال الذي أوصى الميّت به لأحدهما ولم يُعرف لأيّهما