المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

678

الثالث _ ما جاء أيضاً في مباني تكملة المنهاج(1) من أنّ الأصل يقتضي عدم جواز الحكم بمجرّد النكول.

ويمكن أن يورد على ذلك بأنّ المدّعي لو حلف بعد نكول المنكر فلا إشكال في أنّ الحقّ للمدّعي: إمّا بنكول المنكر، أو بحلف المدّعي، أمّا لو نكل هو أيضاً فقد دار الأمر بين الحكم بنكول المنكر والحكم بنكول المدّعي،والروايات الدالّة على الحكم بنكول المدّعي إنّما كانت واردةً في ردّ اليمين من قبل المنكر على المدّعي، والمفروض الآن عدم الردّ من قبله، فإذا كان الحكم بنكول المنكر هنا خلاف الأصل فالحكم بنكول المدّعي أيضاً خلاف الأصل.

ولكن من المحتمل أن يكون مقصود السيد الخوئي بالأصل فيما يفترضه من أنّ الحكم بنكول المنكر خلاف الأصل هو الأصل الذي يكون دائماً في جانب المنكر، حيث إنّ المنكر هو من وافق قوله الأصل فكأنّه يقول: إنّ الأصل الذي هو في جانب المنكر حجّة للحاكم، وإنّما سقط عن الحجّية يقيناً حينما توجد للمدّعي البيّنة، أو حلف المدّعي، أمّا إذا نكل المدّعي والمنكر معاً فلا دليل على سقوط أصل المنكر عن الحجّية، فيحكم الحاكم اعتماداً على أصل المنكر، وهذا يعني أنّ مجرّد نكول المنكر لا يكفي للحكم ضدّه، بل لابدّ من توجيه الحاكم للحلف إلى المدّعي.

وبعبارة أُخرى يمكن أن يكون المقصود بالأصل هو أصالة عدم نفوذ حكم الحاكم بمجرّد نكول المنكر، ولا تعارض بأصالة عدم نفوذ حكم الحاكم بنكول المدّعي بعد نكول المنكر؛ لأنّ كون الأصل الذي هو في جانب المنكر دليلاً على حقّانيّة كلامه منضمّاً إلى ما دلّ على القضاء بالحقّ، يكون كاسراً لأصالة عدم


(1) ج1، ص16 _ 17.