المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

677

ربّ كيف أقضي فيما لم أرَ ولم أشهد؟ قال: فأوحى اللّه إليه: احكم بينهم بكتابي، وأضفهم إلى اسمي، فحلّفهم به، وقال: هذا لمن لم تقم له بيّنة»(1). فإن هذا ظاهر في النظر إلى المدّعي الذي لا يمتلك البيّنة.

وثانياً _ بأنّ روايات القضاء بالبيّنة والأيمان لا تدل على حصر وسائل القضاء بشكل مطلق بالبيّنة واليمين؛ بحيث يكون القضاء بالقرعة أو بقاعدة العدل والإنصاف أو نحو ذلك تخصيصاً لها، وإنّما المفهوم منها عرفاً بمناسبات الحكم والموضوع أنّ القاضي لا يتجاوز هاتين الوسيلتين إلى غيرهما في عرضهما، أمّا لو انتفت الوسيلتان فليس المفهوم عرفاً من هذه الروايات إيقاف القضاء، وفيما نحن فيه قد انتفت البيّنة لعدم امتلاك المدّعي للبيّنة، وانتفت اليمين بنكول المنكر، فإذا حكم القاضي بالنكول لصالح المدّعي لم يكن تخصيصاً لروايات القضاء بالبيّنات والأيمان.

ويمكن الجواب على ذلك بأنّ اليمين لم تنتف بعدُ، لإمكان عرضها على المدّعي.

وعلى أيّ حال فمن الواضح عدم ورود هذا الإشكال أيضاً على مثل ما عرفته من رواية سليمان بن خالد الناظرة إلى يمين المدّعي عند عدم وجدانه للبيّنة.

وثالثاً _ بأنّ الحكم بمجرّد نكول المنكر لا ينافي قاعدة كون القضاء بالبيّنات والأيمان، فإنّ هذا أيضاً قضاء باليمين؛ لأنّ القاضي قد وجّه اليمين إلى المنكر حسب الفرض، ولكنّه نكل عن اليمين، فالقضاء بالنكول قضاء باليمين نكولاً.

إلا أنّ الواقع أنّ هذا خلاف الظاهر، فإنّ ظاهر القضاء باليمين هو القضاء استناداً إلى ذات اليمين، لا النكول عنها.


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص167، الباب الأول من كيفيّة الحكم، ح1.