المال إليه واقعاً بسبب إصراره على ظلمه إلى حدّ الحلف، وهذا غير محتمل ارتكازاً، فيكون فهم هذا المعنى من دليل سقوط حقّ المدّعي خلاف الظاهر، بل قد ورد النص على خلافه، وهو ما عن رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) من قوله: «فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً، فإنّما قطعت له به قطعة من النار»(1).
2_ أن يفترض أنّ المنكر وظيفته تقديم المال إلى المالك خروجاً من الغصب لأنّه ما زال في ملكه، والمالك وظيفته رفض المال، فهذا يسلّم مال المالك إليه، وذاك لا يستلم، وهذا أيضاً خلاف المرتكز، فيكون حمل دليل سقوط حقّ المدّعي على ذلك خلاف الظاهر، فيتعيّن ما قلناه من أنّ له أخذ حقّه.
الثالث _ النص الدالّ على جواز أخذ المدّعي حقّه بعد اعتراف المنكر له رغم يمينه، وهو ما عن مسمع أبي سيّار _ بسند تام _ قال: «قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام): إنّي كنت استودعت رجلاً مالاً، فجحدنيه وحلف لي عليه، ثم إنّه جائني بعد ذلك بسنتين بالمال الذي أودعته إيّاه، فقال: هذا مالك فخذه، وهذه أربعة آلاف درهم ربحتها، فهي لك مع مالك واجعلني في حلّ، فأخذت منه المال وأبيت أن آخذ الربح منه، ورفعت المال الذي كنت استودعته وأبيت أخذه حتى أستطلع رأيك، فما ترى؟ فقال: خذ نصف الربح وأعطه النصف وحلّله، فإنّ هذا رجل تائب، واللّه يُحبّ التوّابين»(2) بناءً على حمل الحديث على الحلف لدى القضاء.
وقد يناقش في دلالة الحديث بعد تسليم حمله على فرض المرافعة عند الحاكم أنّ القضيّة الخارجية المذكورة في هذا الحديث تنصرف إلى ما كان متعارفاً وقتئذٍ من
(1) وسائل الشيعة، ج18، ص169، الباب 2 من كيفيّة الحكم، ح1.
(2) نفس المصدر، ج16، ص179، الباب 48 من الأيمان، ح3.