رواية عبداللّه بن وضّاح(1) الواردة في الحلف عند الوالي، ويقصد به والي الجور، ونحن نعلم أنّ المرافعة إلى والي الجور ليست إلا أمراً صورياً بهدف استنقاذ الحقّ عند العجز عن المرافعة لدى حاكم الشرع، أمّا حكم الوالي فلا قيمة له شرعاً؛ إذاً فحلف المنكر كأنّما لم يكن بطريق القضاء؛ لأنّ القضاء لم يكن شرعيّاً، فكأنّه تحليف من قبل المدّعي مباشرةً للمنكر، ومع ذلك حكم الإمام (عليه السلام) بسقوط حقّ المدّعي، فهذا يعني أنّ مجرّد تحليف المدّعي للمنكر يسقط حقّه ولو لم يكن عن طريق القضاء.
نعم مجرّد تبرّع المنكر بالحلف من تلقاء نفسه لا قيمة له. ولكن قد مضى فيما سبق ضعف سند الرواية.
وقد يقال: إنّ تحليف المدّعي للمنكر _ ولو عن غير طريق القضاء _ يسقط حقّ المدّعي بمقتضى القاعدة بلا حاجة إلى نص خاص؛ لأنّ معنى تحليفه تعهّده بالاكتفاء بالحلف عن إدامة المرافعة والنزاع، ويجب الوفاء بالعهد.
وفيه: أنّه لو رجع هذا إلى التعهّد فهذا تعهّدٌ في طول ظلم الظالم إيّاه حسب ما يعتقد، ودفعٌ لظلمه، وهذا النحو من التعهّد لا قيمه له لا عقلائيّاً ولا شرعاً.
وقد تحصّل بهذا العرض أنّ أقوى الوجوه هو الاحتمال الثاني.
والتحليف _ حتى لو اشترطنا فيه أن يكون بمطالبة المدّعي _ يجب أن يكون من قبل الحاكم، فلو حلّفه المدعي أمام الحاكم فلا قيمة لهذا الحلف، فإنّ الثابت بالنصّ إنّما هو تحليف الحاكم، كما ورد في حديث سليمان بن خالد: «وأضفهم إلى اسمي، وحلّفهم به»، أمّا التحليف عن طريق المدّعي مباشرةً أمام الحاكم فلا دليل على نفوذه.
والتحليف من قبل الحاكم في مورد لم نشترط في مشروعيّته طلب المدّعي أو رضاه
(1) وسائل الشيعة، ج18، ص180، الباب 10 من كيفيّة الحكم، ح2.