المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

665

سقوط حق المدّعي بيمين المنكر

الفرع الأول _ متى يُسقط الحلفُ حقَّ المدّعي في الدعوى وإقامة البيّنة والتقاصّ؟ فيه ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الأول _ أنّ سقوط حقّ المدّعي إنّما يكون بحكم الحاكم لصالح المنكر بعد يمينه، أمّا مجّرد اليمين من المنكر _ ولو بطلب الحاكم وبمطالبة المدّعي _ فلا يسقط حقّه في الدعوى، وإلا فأيّ حاجة إلى القضاء والحكم بعد ذلك؟! ولماذا يقول الرسول (صلى الله عليه و آله): «إنّما أقضي بينكم بالبينات والأيمان»؟!

والجواب: أنّ الحاجة إلى القضاء واضحة؛ إذ المدّعي قد لا يعترف _ اجتهاداً، أو تقليداً، أو عناداً، أو جهلاً _ بسقوط حقّه، فالحاكم هو الذي يحكم بسقوط الحقّ وإنهاء المرافعة.

الاحتمال الثاني _ أنّ سقوط حقّ المدّعي يكون قبل حكم الحاكم تمسكاً بإطلاق الروايات، فبعد يمين المنكر لا يحقّ للمدّعي أن يقيم البيّنة _ مثلاً _ على مدّعاه قبل تماميّة الحكم، ولكن سقوط حقّ المدّعي مشروط بكون اليمين بلحاظ قانون المحكمة، وذلك لانصراف الأخبار الواردة في مثل اليمين والبيّنة إلى باب القضاء، فلو أنّ المدّعي حلّف المنكر بتوافق فيما بينهما على التحليف لا عن طريق القضاء، فلا قيمة لهذا التحليف.

الاحتمال الثالث _ أنّ تحليف المدّعي للمنكر _ ولو بتوافق بينهما لا عن طريق القضاء _ يسقط حقّه فضلاً عمّا إذا كان في المحكمة وبطريق القضاء، وذلك لأننّا لو لم نؤمن بإطلاق روايات الباب، وقلنا بانصرافها إلى مسألة القضاء، فهناك رواية واحدة تدل على سقوط حقّ المدّعي بالتحليف ولو عن غير طريق القضاء، وهي ما تقدّم من