المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

654

لمن حقّ التحليف؟

ولكن يقع الكلام في أنّ اليمين هل يوجّهها الحاكم إلى المنكر من تلقاء نفسه، أو بطلب من المدّعي؟ أُدّعي الإجماع على الثاني، ويمكن أن يقال بالأوّل.

وقد يذكر للأوّل _ وهو أن يكون التحليف من حقّ الحاكم _ وجوه ثلاثة:

الأول(1)_ أنّ الحاكم مأمور بقطع الخصومة بين المتخاصمين، فثبوت حقّ إبقاء الخصومة للمدّعي بتمكينه من عدم تحليف المنكر أمر لا معنى له، وعلى الحاكم أن يحلّفه لأجل إنهاء الخصومة، شاء المدّعي أم أبى.

والثاني(2)_ التمسّك بإطلاق: «البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر»، فكون اليمين عليه غير مشروط بطلب المدّعي؛ لأنّ هذا قيد زائد لم يذكر في الحديث.

والثالث _ ما عن سليمان بن خالد _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «في كتاب علي (عليه السلام): أنّ نبيّاً من الأنبياء شكا إلى ربّه فقال: يا ربّ كيف أقضي فيما لم أرَ ولم أشهد؟ قال: فأوحى اللّهُ إليه: أُحكم بينهم بكتابي، وأضفهم إلى اسمي، فحلّفهم به. وقال: هذا لمن لم تقم له بيّنة»(3) ونحوه روايتان أُخريان غير تامتين سنداً(4). فقد يقال: إنّ قوله: «حلّفهم به» يدل على أنّ التحليف وظيفة القاضي، ولا علاقة له بالمدّعي.

وكلّ هذه الوجوه تقبل المناقشة:

أمّا الأول _ فقد يناقش بأنّ وجوب قطع المخاصمة على الحاكم حتى في مورد


(1) راجع الجواهر، ج40، ص170.

(2) نفس المصدر.

(3) وسائل الشيعة، ج18، ص167، الباب الأول من كيفيّة الحكم، ح1.

(4) نفس المصدر، ص167 _ 168، ح2 و3.