المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

639

أمّا أنّه متى يقسّم، قبل التحليف أو بعده، فلا إطلاق للحديث يشمل فرض عدم التحليف؛ لأنّه وارد مورد بيان أمر آخر. ومن هنا يظهر أيضاً أنّه لا إطلاق للحديث لفرض نكولهما معاً؛ لما قلنا من أنّه وارد مورد بيان أمر آخر وهو كون التقسيم وارداً على درهم واحد، لا على الدرهمين، ويكفي احتمال هذا المعنى على وجه يوجب الإجمال في الإطلاق.

وعليه فالحديث لا يدل على قاعدة العدل والإنصاف؛ لاحتمال كون التقسيم بنكتة إعمال الحلفين.

أما لو لم نقبل هذا التفسير _ الذي شرحناه _ للحديث، وقلنا: إنّ الحديث دلّ على التقسيم مطلقاً، فعندئذٍ نقول بما مضى في الحديث السابق من تقييده برواية إسحاق ابن عمّار، فيختصّ بعد التقييد بما لو تحالفا وجاء عندئذٍ احتمال كون التقسيم بنكتة الحلف، لا بنكتة قاعدة العدل والإنصاف.

5_ ما مضى من حديث أبي بصير التامّ سنداً عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «بعث رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) عليّاً (عليه السلام) إلى اليمن، فقال له حين قدم: حدّثني بأعجب ما ورد عليك، فقال: يا رسول اللّه أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطئها جميعهم في طهر واحد فولدت غلاماً فاحتجوا فيه كلهم يدّعيه، فأسهمت بينهم فجعلته للذي خرج سهمه وضمّنته نصيبهم، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله): ليس من قوم تقارعوا، ثم فوّضوا أمرهم إلى اللّه إلا خرج سهم المحقّ»(1). فقد يقال: إنّ هذا الحديث بقرينة قوله: «وضمّنته نصيبهم» دلّ على أنّ الأصل في تردّد الشيء بين شخصين هو قاعدة العدل


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص188، الباب13 من كيفيّة الحكم، ح6. و ج14، ص567، الباب57، من نكاح العبيد والإماء، ح4، ونحوه في الدلالة مرسلة المفيد المذكورة في نفس الباب من ج14، ح5.