المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

623

إلا أن حمل عمل الإمام على جوانب غيبيّة ومخصوصة بالإمام (عليه السلام) غير عرفي، بالأخصّ أنّ الإمام المعصوم هو الراوي للقصّة عن إمام معصوم آخر، وظاهر نقله للقصّة عن الإمام المعصوم أنّه بصدد بيان المقياس القضائي والوظيفة القضائية بهذا النقل لا بصدد مجرّد نقل القصّة.

ولو فرض العجز عن الجمع بين الروايات بالوجوه السابقة فقد يجمع بينها بالتخيير بين الاقتراع على اليمين والاقتراع على الواقع.

وعلى أيّ حال فقد عرفت أنّ روايتي داود بن أبي يزيد العطّار وعبداللّه بن سنان ساقطتان سنداً، ورواية سماعة تامّة سنداً، لكنّها واردة في باب الأموال ومحمولة على ما بعد النكول، بينما روايات القرعة على اليمين لا علاقة لها بفرض النكول ومحمولة على غير باب الأموال، فلا تضارب بينهما أصلاً.

والنتيجة المستخلصة من بحثنا في الفرع الثالث، وهو تعارض البيّنتين في الترافع على غير المال، هي:

أوّلاً، لو كانت إحدى البيّنتين أكثر عدداً اعتبر صاحبها بمنزلة المنكر، فيوجّه الحلف إليه، وبعد النكول يوجّه الحلف إلى خصمه، وبعد نكوله يحكم لصالح من كانت بيّنته أكثر عدداً.

وثانياً، لو تساوت البينتان عيّن من عليه الحلف بالقرعة، فلو حلف كان الحقّ له، ولو نكل رجع الحلف إلى خصمه، ولو نكل الخصم ثبت الحقّ للأوّل.

هذا تمام الكلام في الفروع الثلاثة لتعارض البيّنتين في باب التداعي، وقد تحصّل من ذلك أنّه عندما كانت إحداهما أكثر عدداً وجّه الحلف إلى صاحب البيّنة الأكثر عدداً، وعند التساوي يحلّفان في باب الأموال، وبعد النكول يعيّن الحقّ بالقرعة، وفي غير باب الأموال يعيّن من عليه الحلف بالقرعة.