المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

607

البيّنتين وتساقطهما والرجوع إلى يمين المنكر، فالنتيجة في المقام هي التحالف، فلو حلفا معاً قُسِّم المال بينهما؛ لأنّ كلّ واحد منهما منكر في النصف، فقد نفذ يمينه في النصف، ولو حلف أحدهما ونكل الآخر كان المال كلّه للحالف؛ لأنّ حلفه في النصف كان حقاً له من أوّل الأمر، وقد عاد الحلف في النصف الآخر إليه بنكول صاحبه، فله الحلف على كلّ المال وأخذه، ولو نكلا معا قُسِّم المال بينهما؛ لأنّ كلّ واحد منهما منكر في النصف، فقد استحقّ النصف بعد نكوله ونكول المدّعي عن القسم.

التصوير الثاني _ أن يقال: إنّ كلّاً منهما مدّعٍ لتمام المال، وليس مدّعياً في النصف ومنكراً في النصف الآخر.

ويمكن تقريب ذلك بأن يقال: إنّ اليد لا تدل على خصوص الملك بقدر سيطرتها على المال، بل تدل عقلائيّاً على صحّة مدَّعى ذي اليد ما لم تعارض بيد من يدعي خلافه، فلو أنّ أحدهما ادّعى ملكية تمام المال، والآخر نفى ملكيّة نفسه، فلا شكّ في أنّ يد الأول أمارة عرفاً على صحّة ما ادّعاه من ملكيّة تمام المال ما دام صاحب اليد الثانية أنكر ملكيّة نفسه. إذاً فلو ادّعى كلّ منهما ملكيّة تمام المال فقد وقع التعارض الكامل بين اليدين، وهما متداعيان في تمام المال، وليس كلّ منهما مدّعياً في النصف ومنكراً في النصف الآخر.

أمّا ما قد يقال: من أنّ اليدين حينما اجتمعتا فقد أثّر كلّ منهما في النصف من باب تأثير كلّ من السببين المجتمعين في نصف المسبّب عند إمكانيّة ذلك، كما هو الحال في توارد حيازتين على مال واحد. فهذا قياس مع الفارق، فإنّ تأثير السببين العقلائيّين كلّ منهما في النصف إنّما يكون عقلائيّاً في باب الإيجاد العقلائي، لا في باب الكشف، ففي باب الحيازة كانت الحيازة سبباً عقلائيّاً لإيجاد الملكيّة، فإذا تواردت حيازتان على مال واحد دفعةً واحدةً أثّرت كلّ واحدة منهما في النصف،