المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

596

لأكثرهم بيّنةً واستحلفهم. قال: فسألته حينئذٍ، فقلت: أرأيت إن كان الذي ادّعى الدار قال: إنّ أبا هذا الذي هو فيها أخذها بغير ثمن، ولم يقم الذي هو فيها بيّنة أنّه ورثها عن أبيه؟ قال: إذا كان الأمر هكذا فهي للذي إدّعاها، وأقام البيّنة عليها»(1).

وقال الشيخ الصدوق (رحمه الله) بعد روايته لصدر هذا الحديث ما نصّه: «لو قال الذي في يده الدار: إنّها لي وهي ملكي، وأقام على ذلك بيّنة، وأقام المدّعي على دعواه بيّنةً، كان الحقّ أن يحكم بها للمدّعي؛ لأنّ اللّه (عزوجل) إنّما أوجب البيّنة على المدّعي، ولم يوجبها على المدّعى عليه، ولكنّ هذا المدّعى عليه ذكر أنّه ورثها عن أبيه، ولا يدري كيف كان أمرها، فلهذا أوجب الحكم باستحلاف أكثرهم بيّنةً، ودفع الدار إليه»، ثم استرسل في الكلام، وذكر بعض الأمور، ثم قال: «هكذا ذكره أبي(رضي الله عنه) في رسالته إليّ»(2). ولا ندري أنّ المقطع الأول من الكلام _ وهو الذي نقلناه _ هل هو أيضاً كلام أبيه أو كلامه هو رحمة اللّه عليهما؟

وعلى أيّ حال فإن كان مقصوده إرجاع المسألة إلى باب التداعي لنكتة أنّ المنكر ذكر السبب وهو الإرث، وبذكره للسبب تحوّل من كونه منكراً إلى كونه مدّعياً، فهذا مخالف لما مضى من حديثي إسحاق بن عمّار وغياث بن إبراهيم؛ حيث فرض فيهما أنّ الحقّ يعطى للذي بيده، وهذا يعني أنّه فرضه منكراً مع أنّه ذكر السبب أيضاً وهو أنّ الدابّة نتجت عنده، إلا أن يفرّق بين ما لو ذكرا معاً السبب فلا ينقلب المنكر مدّعياً وما لو ذكر المنكر فقط السبب فينقلب إلى المدّعي، ولا نعرف لهذا الفرق نكتة مفهومة عرفاً، كما أنه مخالف أيضاً لما هو المفهوم عرفاً من عنوان المدّعي والمنكر، فإنّ


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص181، الباب 12 من كيفية الحكم، ح1.

(2) الفقيه، ج3، ص39، ذيل الحديث 130.