المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

584

بتفريط منه أو إتلاف، وهو ينكر ذلك، ومع ذلك دلّت الروايتان على أن عليه البيّنة.

وفي حديث آخر جاء ذكر البيّنة والحلف معاً، وهو ما عن أبي بصير _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «لا يضمن الصائغ ولا القصّار ولا الحائك إلا أن يكونوا متّهمين، فيخوّف بالبيّنة ويستحلف؛ لعله يستخرج منه شيئاً»(1). وجملة «فيخوّف بالبيّنة» واردة في التهذيب(2)، وأمّا في الفقيه فجاء بدلاً عنها: «فيجيئون بالبيّنة»(3).

وفي حديث آخر جاء ذكر الحلف فقط، وهو ما عن بكر بن حبيب قال: «قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام) أعطيتُ جبّة إلى القصّار، فذهبت بزعمه؟ قال: إن اتّهمته فاستحلفه، وإن لم تتّهمه فليس عليه شيء»(4). وسند الحديث غير تام؛ لأنّ بكر ابن حبيب لم تثبت وثاقته.

ولهذه الروايات عدة محامل:

الأول _ أن يقال: إنّ مقتضى الجمع بينها هو أنّ هذا العامل إمّا أن يأتي ببيّنة أو يحلف؛ إذ الحلف أيضاً قد ورد في بعض هذه الروايات، وهذا غير فرض أن تكون عليه البيّنة، ولعلّ الاكتفاء بالبيّنة منه _ رغم أنّ المنكر لا يُكتفى منه بالبيّنة بناءً على أنّ على المنكر الحلف _ كان بسبب أنّ المدّعي ليس هنا جازماً بالدعوى؛ إذ لا جزم بخيانة العامل أو إتلافه، ولهذا جعل السيد الخوئي مورد اتّهام العامل مستثنىً من قاعدة أنّ المدّعي يجب أن يكون جازماً في دعواه. وهنا لا يتصوّر _ أصلاً _ إلزام


(1) وسائل الشيعة، ج12، ص272، الباب 29 من أحكام الإجارة ، ص274، ح11.

(2) ج7، ح951.

(3) الفقيه، ج 3، ح 715.

(4) وسائل الشيعة، ج13، ص275، الباب 29 من أحكام الإجارة، ح16.