المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

583

إلا أنّ إثبات القصاص بمجرّد النكول الذي قلنا _ فيما سبق _ إنّه مشكل يصبح بإضافة فرض عدم مدّعٍ بالادّعاء الجزمي للقتل أكثر إشكالاً، فإنّ الروايات لم تدل على أكثر من الدية، وصحيح أنّ في موردها لم يكن يمكن شيء غير الدية باعتبار عدم تعيُّن القاتل، ولكن المقصود أنّ الدليل لم يرد إلا في الدية، فإثبات القصاص مشكل.

هذا تمام ما أردنا بيانه في المورد المستثنى من قاعدة «أنّ البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر»، وهو مورد اللّوث في الدم.

في مورد اتهام العامل

وهناك مورد آخر قد يخطر بدواً في البال خروجه عن القاعدة بثبوت البيّنة على المنكر، وهو مورد اتّهام العامل كالقصّار والغسّال والصبّاغ بالخيانة أو الإتلاف. وذلك لما ورد عن الحلبي _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال في الصائغ والقصّار: «ما سرق منهم من شيءٍ فلم يخرج منه على أمر بيّن أنّه قد سرق، فكلّ قليل له أو كثير فهو ضامن، وإن فعل فليس عليه شيء، وإن لم يقم البيّنة، وزعم أنّه قد ذهب الذي ادُّعي عليه فقد ضمنه، إلا أن يكون له على قوله بيّنة»(1).

وما ورد عن أبي بصير _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن القصّار دفعت إليه ثوباً، فزعم أنّه سرق من بين متاعه قال: فعليه أن يقيم البيّنة أنّه سرق من بين متاعه، وليس عليه شيء، فإن سرق متاعه كلّه فليس عليه شيء»(2).

وجه الاستدلال أنّ العامل هنا منكر؛ لأنّه باعتباره أميناً لا يضمن التلف إلا


(1) نفس المصدر، ج12، ص272، الباب 29 من أحكام الإجارة، ح2. وقد أخذنا المتن من التهذيب، ج7، ح952.

(2) نفس المصدر، ح5.