المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

581

في موارد القِصاص، ولكنّه روائيّاً مشكل؛ لأنّ جميع روايات الباب(1) إنّما أثبتت الدية بذلك لا القِصاص. نعم، موردها مورد عدم تعيّن القاتل في شخص معيّن، ومن الطبيعي في مثل ذلك الانتقال إلى الدِّيَة حتى لو آمنّا بأنّ النكول عن اليمين يثبت حقّ القِصاص، ولكنّي أقول: إنّه لم يرد في الروايات ما يثبت القِصاص عند نكول المنكر عن اليمين؛ لأنّها جميعاً إنّما تعرضت للدّية لا للقصاص.

وقد يُقال: إنّ نفس ما ورد من إثبات البيّنة والقَسَامة على المنكر تدل على أنّه لو لم يقدِّم شيئاً منهما ثبتت عليه الدعوى. وهذا يعني ثبوت الدِّيَة عندما لم نعلم بكون القتل عمديّاً، وثبوت القصاص عندما علمنا بكون القتل _ على تقدير وقوعه منه _ عمدياً.

ولكنّي أقول: إنّه يكفي مبرِّراً لمطالبة المنكر بالبيّنة أو القَسَامة أنّه لو لم يقدّم شيئاً منهما لثبتت عليه الدية، وعليه فلو ثبت إجماع كاشف في المقام فهو، وإلا فإثبات حقّ القصاص بمجرّد النكول مشكل.

نعم، لا إشكال في ثبوت القصاص بالبيّنة إذا قامت على العمد، كما لا ينبغي الإشكال أيضاً في ثبوت القصاص بالقَسَامة إذا حلفوا على العمد، كما يدل على ذلك ما ورد من أنّه جعلت القَسَامة كي يخاف القاتل أن يقتل بها، فيكفّ عن القتل، فلو لم تكن القسامة تثبت العمد لأمكن للقاتل أن يتخلّص من القتل بدعوى الخطأ، فيكتفي بدية العاقلة.

عدم اشتراط الجزم في دعوى القتل

وفي ختام البحث عن اللّوث في الدماء نقول: لا يشترط في ثبوت الدم بالبيّنة أو القَسَامة أو النكول كون ولي الدم مدّعياً للقتل على المتّهم دعوى جزميّة، وذلك


(1) راجع نفس المصدر، الباب 8 و9 و10 من دعوى القتل.