المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

577

ولا ينا في ذلك ما في بعض نُقول(1) قصّة الأنصاري الذي قتل بين أظهر اليهود من اقتراح الرسول (صلى الله عليه و آله) أوّلاً تحليف اليهود، وبعد امتناع الأصحاب عن ذلك _ لكونهم كفّاراً لا يتحرّزون عن الحلف الكاذب ضدّهم _ طالبهم بالحلف، فلو كان الصحيح هذا النقل وليس العكس الوارد في باقي النقول(2)، قلنا: إنّ هذا لا ينافي ما قلناه، بل يدعمه؛ إذ لولا كون حلف المدّعين _ لو استعدّوا _ رافعاً لحقّ الحلف للمتّهمين لما استجاب رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) لامتناعهم عن تحليف اليهود، ولما أعطاهم حقّ الحلف.

البند الرابع _ بيّنة المتّهم تقدّم على حلف المدّعي؛ فإنّ هذا هو المفهوم من قوله: «البيّنة على المدّعى عليه واليمين على المنكر»؛ فإنّ المرتكز عرفاً أنّ البيّنة هي التي تبيّن الواقع، والحلف فيه جنبة إيكال القضيّة إلى مسؤوليّة الحالف وإلى ضميره ووجدانه، فالذي يفهم من مثل هذا الكلام عرفاً بضميمة المناسبات الارتكازيّة هو تقديم بيّنة المنكر على يمين المدّعي.

البند الخامس _ لو تعارضت بيّنة المدّعي وبيّنة المنكر فقد يقال بتقديم بيّنة المنكر؛ لما دلّ على أنّ البيّنة على المنكر دون المدّعي، ولكن دليل كون البيّنة على المنكر إنّما دلّ على أنّ الذي يطالب بالبيّنة هو المنكر دون المدّعي، أمّا عدم قابليّة بيّنة المدّعي للمعارضة مع بيّنه المنكر، وأنّه لا يحقّ للمدّعي تقديم البيّنة ما لم يمتنع المنكر عن تقديمها فهذا مطلب زائد على مفاد ذاك الدليل.

وقد يقال بتقديم بيّنة المنكر من باب أنّه لا دليل على نفوذ بيّنة المدّعي عند وجود البيّنة للمنكر، فبيّنة المنكر تمتلك الدليل على النفوذ، وهو ما دلّ على أنّ البيّنة


(1) وسائل الشيعة، ج19، ص 114، الباب 10 من دعوى القتل، ح1 و2.

(2) نفس المصدر، ح3 و5 و7 .