المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

574

بريد دلّت على أنّ المتّهم كان واحداً، فنحمل ما جاء في بعض الروايات من نسبة الاتّهام إلى اليهود على ما تعارف من نسبة جرم الواحد من قبيلة إلى تلك القبيلة. وعليه فاقتراح الرسول (صلى الله عليه و آله) تحليف اليهود؛ يعني: تحليف أُناس غير متّهمين بالقتل؛ إذ المتّهم منهم واحد فحسب.

والجواب: أنّ من المحتمل اختلاف درجات الاتّهام. فكان اليهود متّهمين بالقتل، وكان فلان اليهودي أشدّ اتّهاماً، أو أنّ بعض الصحابة اتّهم اليهود، وبعضهم اتّهم فلان اليهودي، فلو لم يكن هذا أقرب في مقام الجمع بين تلك الروايات فلا أقلّ من تساوي احتماله لاحتمال كون المتّهم واحداً.

فالظاهر أنّ الصحيح هو اختصاص القسم بالمتّهمين، فلو كانوا أقلّ من الخمسين حلفوا بقدر الخمسين، ولو كانوا خمسين حلفوا جميعاً، ولو كانوا أكثر من الخمسين، حلف خمسون منهم.

نعم، لو قصد بهذا حلف خمسين منهم على براءة أنفسهم فحسب دون براءة باقي المتّهمين، فهذا ممنوع؛ فإنّ الظاهر من الروايات حاجة كلّ منهم في تبرئته إلى حلف خمسين، فالمفروض بالخمسين أن يحلفوا على براءة الكلّ.

وقد يقال: إنّ حلف قسم من المتّهمين على براءة قسم آخر ليس إلا كحلف غير المتّهمين على براءة المتّهمين، فإذا جاز الأول جاز الثاني إلا أنّ هذا إنّما يتمّ لو قطعنا بعدم الفرق، وإلا فالنتيجة هي ما ذكرناه من أنّه يجب توجيه الحلف إلى المتّهمين.

ومقتضى إطلاق الروايات أنّه لا حاجة إلى تقسيم الحلف عليهم بالسويّة.

ويحتمل أن يقال فيما إذا كان المتّهمون أكثر من خمسين: إنّ عليهم جميعاً أن يحلفوا وإن استلزم ذلك زيادة عدد الحلف على الخمسين؛ وذلك لرواية علي بن الفضيل عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «إذا وجد رجل مقتول في قبيلة قوم، حلفوا جميعاً ما قتلوه، ولا يعلمون