المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

573

وكأنّ المشهور هو الثاني، بينما الروايات تدل على الأول، فرواية بريد تقول: «حلف المدّعى عليه قَسَامة خمسين رجلاً ما قلنا، ولا علمنا قاتلاً»(1). والمدّعى عليه هو المتّهم، ورواية مسعدة بن زياد تقول: «حلّف المتّهمين بالقتل خمسين يميناً باللّه ما قتلنا، ولا علمنا له قاتلاً»(2). ورواية أبي بصير تقول: «فإنّ على الذين ادُّعِيَ عليهم أن يحلف منهم خمسون ما قتلنا، ولا علمنا له قاتلاً»(3). وسند الروايتين الأُوليين تام، وسند الأخيرة فيه علي بن أبي حمزة البطائني الذي وثّقة الشيخ في العدّة وروى عنه الثلاثة، إلا أنّ الكشّي ينقل عن ابن مسعود عن علي ابن الحسن بن فضّال أنّه كذّاب متّهم، ومقتضى الاعتماد على هذا النقل أن نحمل رواية الثلاثة عنه على ما قبل انحرافه، ونقول: إنّ اتّصافه بصفة الكذب كان من بعد انحرافه عن خطّ أهل البيت (عليهم السلام)، فمتى ما نقل أحد الثلاثة عنه اعتمدنا على روايته، وإلا لم نعتمد على روايته؛ لأنّنا لا نعرف تاريخ نقله لها. وعليه فالرواية التي وردت عنه هنا لا يمكن الاعتماد عليها.

والذي يمكن الاستدلال به على جواز الاعتماد على حلف غير المتّهمين على براءة المتّهم هو ما ورد من قصّة الأنصاري الذي وجد قتيلاً بين أظهر اليهود؛ حيث جاء في جملة من روايات هذه القصّة اتّهام اليهود من قبل أصحاب الرسول (صلى الله عليه و آله) بقتله، واقترح الرسول (صلى الله عليه و آله) عليهم تحليف اليهود(4)، ولكن جاء في رواية بريد(5): «قالت الأنصار: إنّ فلان اليهودي قتل صاحبنا». وبعد فرض وحدة القصّة يقال: إنّ رواية


(1) وسائل الشيعة، ج19، ص115، الباب 9 من دعوى القتل وما يثبت به، ح3.

(2) نفس المصدر، ح6.

(3) نفس المصدر، ص118، الباب 10 من دعوى القتل وما يثبت به، ح5.

(4) راجع بهذا الصدد: نفس المصدر، ج19، الباب 10 من دعوى القتل، ح1 و2 و5 و7.

(5) وهي الرواية الثالثة من الباب 9 من تلك الأبواب، ص114 .