المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

567

بالروايات؟

وقد يستدلّ على ذلك _ أي تكثير عدد الحلف على العدد الأقلّ إلى أن يتمّ الخمسون يميناً _ إضافة إلى الإجماع المدّعى بعدّة وجوه:

الأول _ ما ذكره السيد الخوئي من أنّه ورد في غير واحد من الروايات: أنّ القَسَامة إنّما جعلت احتياطاً للناس؛ لئلّا يغتال الفاسق رجلاً فيقتله حيث لا يراه أحد، فإذا كانت علّة جعل القسامة ذلك، فكيف يمكن تعليق القود على حلف خمسين رجلاً؟ فإنّه أمر لا يتحقق إلا نادراً، فكيف يمكن أن يكون ذلك موجباً لخوف الفاسق من الاغتيال(1)؟!

أقول: إن كان الحلف مشروطاً بالعلم الحسّي أو ما يقرب من الحسّ صحّ هذا الكلام، ولكن الحلف يكفي فيه مجرّد العلم ولو الحدسي، وهذا كثيراً ما يحصل لأقرباء المدّعي وأصدقائه ببعض القرائن الحدسية المدعمة عندهم بنفس دعوى المدّعي، بل قد يحلفون كاذبين لمجرّد تعاطفهم مع المقتول والمدّعي، والقاضي يحكم وفق حلفهم لعدم علمه بالكذب؛ لأنّه لا تشترط فيهم العدالة كما كانت تشترط في البيّنة كي لا يقبل حلف من يحتمل بشأنهم الكذب لعدم إحراز العدالة، فالفاسق سيخشى من تحقق شيء من هذا القبيل ويمنعه ذلك عن القتل.

أمّا الوجه في نفوذ الحلف _ وإن لم يكن عن علم حسّي _ فلأنّ وجوه اشتراط الحسّ في الشهادة لا تأتي هنا، فالوجه في اشتراط الحسّ في باب البيّنة: إمّا هو عدم الإطلاق في دليل نفوذ البيّنة، أو الروايات الخاصّة، أو انصراف دليل نفوذ البيّنة عن نفي احتمال الخطأ في الحدس كما هو الحال في دليل حجّية خبر الواحد. وكلّ هذا


(1) مباني تكملة المنهاج، ص109، ج2.