المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

562

وكذلك دلّ حديث مسعدة بن زياد على قبول البيّنة من مدّعي الدم، وهو ما ورد عن مسعدة _ بسند تام _ عن جعفر (عليه السلام) قال: «كان أبي (رضي الله عنه) إذا لم يقم القوم المدّعون البيّنة على قتل قتيلهم ولم يقسموا بأنّ المتّهمين قتلوه، حلّف المتّهمين بالقتل خمسين يميناً باللّه ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً، ثم يؤدّي الدية إلى أولياء المقتول. ذلك إذا قتل في حي واحد، فأمّا إذا قتل في عسكر أو سوق مدينة، فديته تدفع إلى أوليائه من بيت المال»(1). وهذا أيضاً _ كما ترى _ لا إطلاق له لفرض عدم اللّوث. إذاً فرض عدم اللّوث بقي تحت إطلاق رواية أبي بصير.

وقد يقال: إنّ رواية أبي بصير إنّما دلّت على أنّ البيّنة على المنكر، أي أنّ المنكر هو الذي يطالب بالبيّنة وأنّه لو لم يمتلك بيّنة ولا حَلَفَ خمسين مرّة _ على ما ظهر من الروايات الأُخرى _ ثبت الحقّ إلى جانب المدّعي. وهذا لا ينافي نفوذ بيّنة المدّعي لو أقامها، فيتمسّك هنا بإطلاق دليل نفوذ البيّنة.

ولكنّ الظاهر أنّنا لا نمتلك إطلاقاً تامّاً لنفوذ البيّنة من غير نفس روايات أنّ البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر، فإذا خرج من إطلاقها الدم، لم يكن دليل على قبول البيّنة فيه من المدّعي.

ويمكن التخلص عن هذه الشبهة بوجوه:

الأول _ أنّ رواية أبي بصير نصّت على أنّ البيّنة في الدماء على المدّعى عليه واليمين على من ادّعى، والجملة الثانية قيّدت ببعض الروايات _ على ما مضى _ بفرض اللّوث. وهذا يوجب الإجمال في الجملة الأولى بحكم وحدة السياق؛ أي: أنّ إطلاق الجملة الأُولى لفرض عدم اللّوث والظهور في وحدة السياق يتعارضان؛ لأنّ


(1) وسائل الشيعة، ج19، ص115، الباب 9 من دعوى القتل وما يثبت به، ح3.