المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

56

لديه من سند إلى صاحب ذاك الكتاب، وتعرّض في آخر الكتابين إلى ذكر السند لغالب ما حذف أسانيده إليه، وحينئذٍ قد يفترض أنّ الرجل غير ثابت التوثيق وقع ضمن ذاك السند، والرجل ثابت التوثيق _ الذي كان للشيخ في فهرسته سند تام إلى جميع كتبه ورواياته _ عبارة عن نفس صاحب الكتاب أو عن شخص آخر أقرب إلى الشيخ من صاحب الكتاب، وهنا لا إشكال في التعويض، وأُخرى يفترض أنّ الرجل الثقة _ الذي كان للشيخ سند تام إلى جميع كتبه ورواياته _ وقع قبل صاحب الكتاب _ أي كان أقرب إلى الإمام سواء كان الشخص غير ثابت التوثيق قبل صاحب الكتاب أو بعده _ فهنا هل نطبّق عليه نظرية التعويض أو لا؟ قد يقال بعدم الفرق بين الفرضين تمسّكاً بإطلاق قوله: «أخبرنا بكتبه ورواياته».

ولكن الظاهر عندي هو التفصيل بين الفرضين، فنحن إنّما نقبل بنظريّة التعويض هذه حينما يكون ذاك الثقة _ الذي كان للشيخ إلى جميع رواياته سند تام _ عبارة عن نفس صاحب الكتاب الذي روى الشيخ الحديث عن كتابه، أو من كان واقعاً في السند الذي يوصل الشيخ بذلك الكتاب. أمّا إذا كان بين الإمام وصاحب الكتاب فلا نطبّق عليه هذا القانون، وهذا الكلام ينشأ من فهمنا لكلمة «رواياته» في قوله: «أخبرنا بكتبه ورواياته»، أو قوله: «أخبرنا برواياته».

توضيح ذلك: أنّه يحتمل في كلمة «رواياته» أمران:

الأول، أن يشمل الروايات الشفهيّة، فكأنّه حينما قال: «أخبرنا بكتبه ورواياته» قصد بذلك أنّه أخبرنا بما رواه في كتبه وبما رواه من كتب الآخرين وكتاباتهم وبما رواه من روايات شفهيّة فلان عن فلان، وبناءً على هذا الاحتمال يتمّ ما مضى من بطلان الاحتمال الأول من الاحتمالات الخمسة، وهو إرادة واقع الكتب والروايات؛ لما قلنا من أنّه لا سبيل للشيخ إلى الإحاطة بكلّ رواياته بنحو يقطع أنّه لم يروِ أيّ رواية