المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

557

أوّلاً _ أنّ المدّعي له طريقان لإثبات مدّعاه: البيّنة وتهيئة خمسين قسامة. ولعلّ شرط رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليهم كون البيّنة عدلين من غيرهم كان بنكتة أنّ المقصود بالطالبين في قوله: «فقال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) للطالبين» هم أولياء الدم، أو بنكتة أنّ كلّ من يطالب بالدم _ ولو لغيره بأن لم يكن هو الولي الشرعي _ يعتبر خصماً، فيجب أن يكون الشهود غيره. والاحتمال الأول هو الموافق للقاعدة.

وثانياً _ أنّ المتّهم بإمكانه أن يبرّى‏ء نفسه بالقسم خمسين مرّة إن لم يمتلك المدّعي أحد الطريقين المثبتين لدعواه، فإذا أضفنا هذا إلى قبول البيّنة من المنكر كما يستفاد من الحديثين الأوّلين، كان للمتّهم أيضاً طريقان للتبرئة: البيّنة والقسم خمسين مرّة.

وثالثاً _ أنّه لو لم يمتلك المدّعي شيئاً من الطريقين لإثبات مدّعاه، ولم يستعدّ المتّهم الفاقد للبيّنة للقسم خمسين مرّة، ثبت عليه الجُرم ولو بمستوى الإلزام بالدية. فهذه نقاط ثلاث لا ينبغي الإشكال فيها في الجملة، إلا أنّه ما زالت حدود هذه الأحكام الثلاثة مكتنفة بالغموض وبحاجة إلى استئناف البحث.

البينة والقسامة من المدّعي

ولنبدأ بالنقطة الأُولى _ وهي أنّ المدّعي بإمكانه إثبات الدعوى بأحد طريقين: البيّنة وخمسين قسامة، وهذا في الجملة ممّا لا إشكال فيه، ولكن ينبغي البحث في حدوده من عدّة نواحٍ:

اشتراط اللوث في القسامة

الأُولى _ أنّ إثبات الدعوى بخمسين قسامة هل يختص بفرض اللّوث، وهو فرض وجود أمارات الاتّهام بالنسبة للمدّعى عليه، أو لا يوجد شِبْهُ إجماع بين الأصحاب