المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

548

أو صدر عفو عن العقوبة كلّها أو بعضها، وكان قد وفّى البعض الآخر، أو صدر عفو عن الجريمة، وجب تحليفه اليمين. وممّا هو جدير بالملاحظة أنّه يؤخذ من نصّ المادة (25) من قانون العقوبات أنّ الشارع اعتبر الشهادة حقّاً أو مزيّةً كالقبول في خدمة الحكومة، أو التحلّي برتبة أو نيشان المنصوص عليهما في (أوّلاً) و(ثانياً) مع أنّ الشهادة واجب والامتناع عنها معاقب عليه بمقتضى المادة (78) من قانون الإثبات (201 قانون المرافعات السابق)، فالأمر على حقيقته لا يتعدّى عدم الثقة بمجرم حكم عليه بعقوبة جنائيّة... هذا وإذا تتبّعنا النص الحرفي لمادة (25) من قانون العقوبات وقولها: إنّ المحكوم عليه يحرم من الشهادة مدّة العقوبة لترتّب على ذلك نتيجة غير معقولة بالنسبة للمحكوم عليه بالإعدام الذي لا تستغرق مدّة عقوبته بضعة ثوانٍ يستحيل أن يشهد في أثنائها. وهذه النتيجة غير المعقولة هي أنّه يستطيع أن يشهد ويستطيع أن يحلف في المّدة التي تمضي بين الحكم وبين التنفيذ _ أي مدّة العقوبة _ بالرغم من الحكم عليه بأشدّ عقوبات الجناية. إذاً لا مفرّ من اعتبار مدّة إيداعه في السجن من وقت الحكم حتى التنفيذ مدّة عقوبة؛ لأنّ هذه المدّة ليست إلا توطئةً لتنفيذ العقوبة، فلا شكّ أنّه يصحّ اعتبارها مدّة عقوبة. وعلى أيّ حال مثل هذا الشخص يكون غالباً في حالة لا يصحّ فيها الاعتماد على أقواله سواء حلف أو لم يحلف(1).

أقول: إنّ نفوذ شهادة الجاني قبل مدّة الحكم عليه وبعد نهايتها لا يمكن تبريره من حيث فلسفة التشريع إلا بافتراض أنّ الشهادة حقّ من الحقوق سلب في مدّة المحكوميّة، بينما من الواضح أنّ الشهادة لا ينبغي إلا أن تفرض واجباً من


(1) رسالة الإثبات، ج1، الماده: 379 مكرّر (ل).