المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

539

الحصين قال: «سمعت من سأل أبا عبداللّه (عليه السلام) وأنا حاضر عن الرجل يكون عنده الشهادة، وهؤلاء القضاة لا يقبلون الشهادات إلا على تصحيح ما يرون فيه من مذهبهم، وإنّي إذا أقمت الشهادة احتجتُ إلى أن أُغيِّرها بخلاف ما أُشهِدتُ عليه وأزيد في الألفاظ ما لم أُشهد عليه، وإلا لم يصحَّ في قضائهم لصاحب الحقّ ما أُشهدتُ عليه، أفيحلّ لي ذلك؟ فقال: إي واللّه، ولك أفضل الأجر والثواب، فصحِّحْها بكلّ ما قدرتَ عليه ممّا يرون التصحيح في قضائهم»(1). فهذا _ كما ترى _ ظاهر في إضافة ما لم يشهد عليه أمام حاكم الجور الذي لا يقبل بتنفيذ الشهادة بوجهها الواقعي، وهو غيرما نحن فيه.

3_ ما عن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابنا عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «قلت له: تكون للرجل من إخواني عندي الشهادة ليس كلّها تجيزها القضاة عندنا؟ قال: إذا علمت أنّها حقّ فصحّحها بكلّ وجه حتى يصحّ له الحقّ»(2). وهذا _ كما ترى _ ناظر إلى تصحيح الشهادة أمام قاضي الجور، فإنّه المشار إليه بقوله: «القضاة عندنا»، فلا يدل على جواز التصحيح بالمعنى المقصود في المقام أمام قاضي العدل.

فكأنّ هذه الروايات تنظر إلى جواز التزوير في الشهادة أمام قاضي الجور ما لم تكن النتيجة إلا وفق الحقّ، فهي تشبه رواية الحكم أخي أبي عقيل الدالّة على جواز شهادة الزور لدفع الباطل الذي حمّله الخصم بشهادة الزور، قال: «قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام): إنّ خصماً يستكثر علي بشهود الزور، وقد كرهت مكافأته، مع أنّي لا أدري يصلح لي ذلك أم لا؟ فقال: أما بلغك عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه كان يقول: لا توسروا أنفسكم


(1) نفس المصدر، ص 230، ح2.

(2) نفس المصدر، ص231، ، ح3.