المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

536

أقول: هذا الكلام إنّما يتمّ إذا وجدنا إطلاقاً في دليل حجّية شهادة الواحد منضّمة إلى اليمين يشمل فرض المقام، وإلا فاحتمال الفرق ثبوتاً بين فرض ابتلاء الشهادة بمكذّب وعدمه وارد لا محالة، والظاهر وجود إطلاق من هذا القبيل في المقام؛ فإنّ روايات حجّية شهادة الواحد مع اليمين وإن كان بعضها بلسان قضيّة في واقعة، من قبيل: «أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) قضى بشهادة واحد مع اليمين»(1)، ولكنّ بعضها يتمتّع بالإطلاق، من قبيل ما عن محمد بن مسلم _ بسند تام _ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لو كان الأمر إلينا أجزنا شهادة الرجل الواحد إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس...»(2) وما عن البزنطي بسند تام قال: «سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: قال: أبو حنيفة لأبي عبداللّه (عليه السلام): تجيزون شهادة واحد ويمين؟ قال: نعم، قضى به رسول اللّه (صلى الله عليه و آله)، وقضى به علي (عليه السلام) بين أظهركم بشاهد ويمين. فتعجّب أبو حنيفة، فقال أبو عبداللّه (عليه السلام): أتعجب من هذا!! إنّكم تقضون بشاهد واحد في مائة شاهد، فقال له: لا نفعل، قال: بلى، تبعثون رجلاً واحداً فيسأل عن مائة شاهد، فتجيزون شهادتهم بقوله، وإنّما هو رجل واحد»(3).

نعم، هذه الروايات لا تدل بالإطلاق على استغناء هذا الشاهد الواحد عن الشروط المشروطة في البيّنة، فإنّ هذه الروايات إنّما وردت لإحلال اليمين محلّ أحد الشاهدين، لا لإغناء الشاهد الآخر عن تلك الشروط، أمّا لو احتملنا وجود شرط زائد على شروط البيّنة بالنسبة للرجل الواحد فهو منفي بالإطلاق، وشرط عدم تكذيبه من قبل شخص واحد شرط زائد على شروط البيّنة؛ لأنّ البيّنة لا تسقط


(1) جملة من روايات الباب 14 من كيفيّة الحكم من الجزء 18 من وسائل الشيعة.

(2) وسائل الشيعة، ج18، ص196، الباب 14 من كيفيّة الحكم، ح12.

(3) نفس المصدر، ص197، ح17.