المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

527

على حجّية البيّنة يفهم منها أنّ المقصود هو الاعتماد في باب القضاء على ما هي بيّنة وحجّة مسبقاً؛ أي: إنّ هذا إمضاء للارتكاز العقلائي القائم على حجّية البيّنة، وفي نفس الوقت بيان لكون تلك البيّنة الحجّة مقياساً من مقاييس القضاء، وهذا الإمضاء محدّد بحدود الارتكاز العقلائي، فإذا كان الارتكاز العقلائي شاملاً لبيّنة الفرع مع إمكان حضور الأصل ثبت إمضاؤه بهذه الروايات، ويتمسّك به بعد ضعف سند ما دلّ على الردع.

هذا، وبالإمكان دعوى ثبوت النص الخاص على نفوذ بيّنة الفرع مع إمكان حضور الأصل، وهو عبارة عمّا سيأتي _ إن شاء اللّه _ من روايات الترجيح بالأعدليّة عند التعارض بين شاهد الفرع وتكذيب شاهد الأصل. وهذا يعني فرض حضور بيّنة الأصل، وبالتالي يعني عدم اشتراط نفوذ بيّنة الفرع بعدم إمكان حضور الأصل، اللّهم إلا إذا احتمل كون المقياس هو عدم إمكان حضور الأصل عند أداء الفرع الشهادة، لا عدم إمكانه حدوثاً وبقاءً إلى حين حكم الحاكم، وتلك الروايات لم تدل على فرض إمكان حضور الأصل حين أداء الفرع الشهادة.

ومنها:ما دلّ على عدم نفوذ الفرع الثاني _ أي: الشهادة على الشهادة على الشهادة _ وهو ما عن عمرو بن جميع عن أبي عبداللّه عن أبيه (عليه السلام) قال: «أَشهِدْ على شهادتك من ينصحُك. قالوا كيف يزيد وينقص؟ قال: لا، ولكن من يحفظها عليك، ولا تجوز شهادة على شهادة على شهادة»(1).

وسند الحديث عبارة عن سند الصدوق (رحمه الله) إلى عمرو بن جميع، وهو أبوه عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن الحسن


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص298، الباب 44 من الشهادات، ح6.