المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

523

إثبات البيّنة بالبيّنة

المسألة الثالثة _ في ثبوت البيّنة بالبيّنة وعدمها.

مقتضى القاعدة في حقوق الناس هو الثبوت: إمّا بارتكاز العقلاء المقتضي لحجّية البيّنة في حقوق الناس والذي لم يرد عليه ردع، أو بدلالة مثل قوله (صلى الله عليه و آله): «إنّما أقضي بينكم بالبينات والأيمان»، وقوله (صلى الله عليه و آله): «البينة على المدّعي»، لا بتقريب شمول إطلاقها الحكَمي لبيّنة الفرع كي يورد عليه ما مضى من عدم تماميّة الإطلاق الحكَمي فيها، أو يورد عليه: أنّها تنظر إلى البيّنة على الواقعة، لا البيّنة على البيّنة، بل بتقريب أنّ مفاد هذه الروايات _ ببركة ضمّ الارتكاز _ هو أنّ القضاء في واقعةٍ مّا يستعين بما هو بيّنة وحجّة في نفسه وبِغَضّ النظر عن القضاء في الواقعة، وهذه الحجّية تتّسع بالاطلاق المقامي لكلّ دائرة الارتكاز، والبيّنة على البيّنة داخلة في دائرة الارتكاز.

وهذا النحو من الاستدلال يمتاز على الاستدلال ابتداءً بالارتكاز بأنّه لو احتملنا في موردٍ مّا _ على أساس رواية ضعيفة السند مثلاً _ الردع، ولكن لم يثبت الردع لضعف سند الرواية _ مثلاً _ سقط الاستدلال بالارتكاز؛ لأنّ الاستدلال به فرع القطع بعدم الردع، ولكن لم يسقط الاستدلال بظهور تمّ ببركة الارتكاز، هذا كلّه بلحاظ مقتضى القاعدة.

أما بلحاظ النصوص الخاصّة فقد وردت عدّة روايات في المقام:

منها: ما يدل على نفوذ الشهادة على الشهادة، كما عن طلحة بن زيد _ بسند تامّ _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام)، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) «أنّه كان لا يجيز شهادة رجل على رجل إلا شهادة رجلين على رجل»(1). وما عن غياث بن إبراهيم _ بسند تام _


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص279، الباب 44 من الشهادات، ح2.