المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

522

أمّا الأدّلة اللّبّية كالإجماع والضرورة الفقهية والارتكاز فشمولها للبيّنة المعلومة بالحدس أيضاً غير معلوم.

إذاً لا دليل على حجّية البيّنة المعلومة للقاضي بالعلم الحدسي.

وأمّا وجود المقيِّد _ لو تمّ الإطلاق _ فيجب الرجوع فيه إلى أدلّة عدم حجّية العلم الحدسي للقاضي، لكي نرى هل تشمل ما نحن فيه أو لا؟

فإن كان الدليل على ذلك التعدّي من روايات عدم نفوذ الشهادة الحدسية، فكما يُتعدّى من ذلك إلى العلم الحدسي للقاضي بالواقعة كذلك يُتعدّى إلى العلم الحدسي له بالبيّنة.

وإن كان الدليل على ذلك عدم ذكر العلم الحدسي للقاضي بالواقعة في روايات مقاييس القضاء كما ذكرت البيّنة واليمين، فالتعدّي إلى العلم الحدسي للقاضي بالبيّنة يتوقف على دعوى الأولويّة القطعيّة.

وإن كان الدليل على ذلك روايات حصر القضاء بالبيّنات والأيمان بأن يقال: إنّها بهذا الحصر تنفی حجّية العلم الحدسي، فالتعدّي إلى العلم الحدسي بالبيّنة يكون إمّا بدعوى إطلاق هذه الروايات لمورد البيّنة؛ أي: إنّها كما تدل على أنّه لا يجوز إثبات الواقعة المتنازع فيها بالعلم الحدسي، كذلك تدل على أنّه لا يجوز إثبات البيّنة على الواقعة المتنازع فيها بالعلم الحدسي، أو بدعوى الأولويّة القطعيّة، أو الأولوية العرفية، فإن تمّت إحدى هذه الدعاوي ثبت عدم حجّية العلم الحدسي بالبيّنة. وهو يرجع في روحه إلى تضييق في حجّية البيّنة، فالبيّنة التي علمت بالحدس لا تكون حجّةً، لا إلى تضييقٍ في حجّية العلم الطريقي كي يقال: إنّ هذا غير معقول.