المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

521

أمّا وجود إطلاق يدل على حجّية البيّنة المعلومة عن حدس، فلعلّه منحصر في أمرين:

1_ ما عن يونس عمّن رواه قال: «استخراج الحقوق بأربعة وجوه: بشهادة رجلين عدلين، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان، فإن لم تكن امرأتان فرجل ويمين المدّعي، فإن لم يكن شاهد فاليمين على المدّعى عليه...»(1).

فيقال: إنّ مقتضى إطلاق هذا الدليل هو أنّه لا يتنزّل من البيّنة إلى اليمين إلا بعد فقدها على الإطلاق بأن لا نجدها حتى بالعلم الحدسي، إلا أنّ الحديث ساقط بعدم الانتهاء إلى المعصوم، وعدم معرفة من روى عنه يونس.

2_ روايات: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»، و«البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر». وقد مضى فيما سبق: أنّ هذه الروايات لا إطلاق حكَمي لها؛ فالتعبير الأول ناظر إلى حصر وسائل الإثبات في القضاء بالبيّنة واليمين، أمّا متى يرجع إلى البيّنة ومتى يرجع إلى اليمين؟ فهذا خارج عن عهدته، والتعبير الثاني ناظر إلى تشخيص من عليه البيّنة ومن عليه اليمين، أمّا ما هي شرائط البيّنة أو اليمين فهذا خارج عن عهدته.

نعم، يتمّ فيهما الإطلاق المقامي حينما تكون حجّية بيّنةٍ مّا ارتكازيةً، أو يكون المرتكز عدم الفرق بين بيّنة وبيّنة، فيكون التفصيل خلاف الارتكاز العقلائي، وفيما نحن فيه الفرق بين بيّنة معلومة بالحسّ وبيّنة معلومة بالحدس أمر معقول في نظر العقلاء، وارتكاز حجّية البيّنة إذا علمت بالحدس غير واضح؛ إذاً لا يتمّ الإطلاق في المقام.


(1) نفس المصدر، ص176، الباب 7 من كيفيّة الحكم، ح4.