المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

518

حضور الشاهد عند القاضي

الشرط الحادي عشر _ حضور الشاهد عند القاضي: وهذا الشرط بعنوانه وإن لم يكن مذكوراً عند الأصحاب، وإنّما المبحوث لديهم هو كفاية شهادة الفرع وعدمها، لكن يمكن أن يستدلّ على هذا الشرط بأنّ المتيقّن من مثل قوله (صلى الله عليه و آله): «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان» وقوله (صلى الله عليه و آله): «البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر» هي البيّنة الحاضرة لدى القاضي، وقد مضى فيما سبق عدم الإطلاق الحكَمي لهذه الروايات لنفي الشروط المحتملة.

نعم، لها إطلاق مقامي لنفي كلّ شرط كان منفيّاً في ارتكاز العقلاء، وشرط الحضور ليس منفيّاً ارتكازاً؛ إذ لا إشكال في أقوائيّة البيّنة الحاضرة من البيّنة غير الحاضرة، فاحتمال الفرق بحجّية الأُولى في باب القضاء دون الثانية أمر معقول، ومعه تُنفى حجّية البيّنة غير الحاضرة لدى الحاكم بالأصل.

ولكنّ الصحيح: أنّ احتمال الفرق بين البيّنة الحاضرة والبيّنة غير الحاضرة لدى الحاكم خلاف المرتكز العقلائي الذي يرى أنّ حجّية البيّنة لأجل طريقيّتها وكاشفيّتها، والحضور ليس دخيلاً في الطريقيّة والكشف، وإنّما الفرق بين فرض الحضور وعدمه أنّ هذا الطريق _ وهو البيّنة في فرض الحضور _ قد ثبت بالحسّ، بينما في فرض عدم الحضور نحتاج إلى طريق آخر لإيصال هذا الطريق، ومن هنا يأتي الضعف، وهذا الضعف ليس في أصل البيّنة وإنّما هو في عدم وصولها بالحسّ؛ أي أنّ الضعف في الطريق الموصل للبيّنة. فالذي يأتي في المقام إنّما هو احتمال عدم حجّية هذا الطريق الموصل للبيّنة _ وهو شهادة الفرع مثلاً _ لا اشتراط حجّية البيّنة الأصليّة بالحضور إلا بمعنى اشتراط حجّية كلّ طريق بوصوله. إذاً فشرط الحضور في ذاته بالنسبة للبيّنة منفي بالإطلاق المقامي؛ لعدم مساعدة الارتكاز العقلائي