المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

51

هل تشترط الأعلمية؟

يبقى الكلام في اشتراط الأعلمية، ومقتضى إطلاق ما عرفته من الروايات عدم الاشتراط.

نعم، لو أخذنا بفكرة القدر المتيقّن _ التي مشى عليها السيد الخوئي في إثبات اشتراط الاجتهاد _ كان مقتضاها اشتراط الأعلمية أيضاً، وإلا فالظاهر عدم اشتراط الأعلمية، ولا يقاس ذلك بباب التقليد؛ فإنّه في باب التقليد تسقط فتوى المجتهد عند المعارضة بفتوى من هو أعلم منه عن الحجّيّة، إمّا على أساس سقوطها عن الطريقيّة، أو على أساس تعارضهما وتساقطهما بلحاظ الدليل اللفظي وتعيّن فتوى الأعلم للحجّيّة عندئذٍ بالبناء العقلائي. أمّا في باب القضاء فليس الملحوظ فيه محض الطريقيّة، بل له موضوعيّة في النفوذ لفصل النزاع حتى مع علم المحكوم عليه بالخلاف، كما سيأتي إن شاء اللّه في بحث مدى نفوذ القضاء. وليس المفروض بعد تماميّة القضاء من قبل فقيه أن يقضى مرّةً أُخرى في المورد من قبل فقيه آخر _ كما سيأتي إن شاء اللّه في البحث عن مدى نفوذ حكم القاضي _ كي يقع التعارض.

نعم، لو ترافعا في عرض واحد عند شخصين، أو اختار كلّ واحد منهما شخصاً غير الآخر وتعارضا في الحكم، فقد ورد(1) كما يأتي إن شاء اللّه الترجيح بالأعلمية وغيرها، ولكن هذا لا ربط له بشرط الأعلمية في القضاء، بل نفس تلك النصوص لعلّها ظاهرة في الفراغ عن أنّ كلّ واحد من القضائين لو كان وحده لكان نافذاً رغم أعلمية الشخص الآخر.


(1) راجع بهذا الصدد: التهذيب، ج2، ص 302_303، ح 50 إلى 52؛ وراجع: أصول الكافي، ج1، ص67_ 68، ح 10؛ وراجع: الفقيه، ج3، ص5 _ 3، الباب 9 من أبواب القضايا والأحكام؛ وراجع: وسائل الشيعة، ج 18، الباب 9 من صفات القاضي، ح 1 و 20 و 45.