المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

500

ولئن أمكن فرض النسبة بين هذه الأحاديث وبعض الأحاديث السابقة عموماً مطلقاً بأن يقال: إنّ هذه تدل على نفوذ شهادة المرأة في الطلاق إذا كان معها رجل، فيقيّد بها ما دلّ على عدم نفوذ شهادتها في الطلاق مطلقاً، لكن يوجد في الأحاديث السابقة ما لا يمكن تقييده بهذه الروايات، من قبيل ما مضى عن الحلبي عن أبي عبداللّه (عليه السلام) أنّه سئل عن شهادة النساء في النكاح، فقال: «تجوز إذا كان معهنّ رجل، وكان علي (عليه السلام) يقول: لا أُجيزها في الطلاق...». فهذا بقرينة المقابلة لجواز شهادتهنّ مع الرجل في النكاح صريح في عدم نفوذ شهادتهنّ في الطلاق حتى مع الرجل. فهاتان طائفتان متعارضتان، ولا يمكن ترجيح إحداهما على الأُخرى بمخالفة العامّة، وذلك لأنّ كلّاً منهما مطابق لبعض العامّة ومخالف لبعضهم الآخر على ما قال الشيخ في الخلاف من أنّ مالكاً والشافعي والأوزاعي والنخعي قالوا بعدم نفوذ شهادة النساء في الطلاق، والثوري وأبا حنيفة وأصحابه قالوا بثبوت الطلاق بشاهد وامرأتين(1).

وبالإمكان ترجيح ما دلّ على عدم نفوذ شهادة النساء في الطلاق حتى مع الرجل على روايات محمد بن مسلم وأبي بصير وسماعة والحلبي بموافقة تلك للكتاب ومخالفة هذه للكتاب بناءً على أن نستظهر من آية الطلاق _ التي هي خطاب للرجال: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهٰادَةَ لِلّٰهِ﴾(2)_ شرط الذكورة في نفوذ الشهادة في الطلاق، وليس فقط في صحّة الطلاق لدى شاهدين عدلين؛ باستظهار أنّ هذا الشرط في الطلاق كان كمقدّمة لأجل أداء الشهادة عند النزاع.


(1) راجع الخلاف، ج3، ص326، كتاب الشهادات، المسألة 4.

(2) الطلاق:2.