المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

497

التقيّة؛ لأنّ العامّة بين قائل بعدم نفوذ شهادة النساء في النكاح مطلقاً، وقائل بالتفصيل الوارد في تلك الروايات، فرواية داود بن الحصين هي المخالفة للعامّة.

ولكن قد عرفت أنّ ظاهر رواية داود بن الحصين لا يمكن الأخذ به؛ لعدم إفتاء أحد بكون المرأة في الشهادة على النكاح كالرجل، فإن أمكن حملها _ ولو بقرينة عدم إمكان جعل المرأة في الشهادة فقهيّاً كالرجل _ على نفوذ شهادة امرأتين بمعنى كونها كشهادة رجل واحد، ولابدّ من ضمّ امرأتين أُخريين إليهما أو رجل، فقد يتمّ ما قلناه من تقديم رواية داود بن الحصين على روايات التفصيل بمخالفة العامّة، وإن قلنا: إنّ هذا الحمل غير عرفي _ ولو بلحاظ سياق مجموع الحديث كما ليس ببعيد _ ردّ علم رواية داود بن الحصين إلى أهلها، وسقطت عن الحجّية، وبقي التفصيل بلا معارض.

لا يقال: إن لم يمكن الأخذ بذيل الحديث الدالّ على كفاية شهادة امرأتين في ثبوت النكاح فلم لا نأخذ بصدر الحديث الدالّ على كفاية شهادة النساء وحدهنّ بلا رجال المحمول على شهادة أربع نساء؛ للعلم بأنّ المرأة نصف الرجل في الشهادة، ويقدّم ذلك على روايات اشتراط نفوذ شهادة النساء في النكاح بكونها مع شهادة رجل، وذلك لمخالفته للعامّة وموافقة تلك الروايات لفتاوى قسم منهم؟

فإنّه يقال: لو كان الحديث نقلاً لكلام الإمام باللفظ لأمكن أن يقال بأنّنا نأخذ بصدر الحديث بعد حمله على شهادة أربع نساء؛ لأنّ الذيل الذي هو قرينة على إرادة كفاية شهادة امرأتين ساقط، ونقطع بعدم صدوره من الإمام، فإمّا أنّ الحديث لم يكن مذيّلاً بذيل أو كان مذيّلاً بذيل لا يدل على كفاية شهادة امرأتين، فلا مانع من الأخذ بصدر الحديث مثلاً، ولكن بما أنّ الأحاديث عادةً نقل بالمعنى فالراوي لا يروي نصّ الكلام، وإنّما يروي المفاد، ومفاد هذا الحديث إنّما هو كفاية شهادة امرأتين في