المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

48

نعم، ورد عن الشيخ الطوسي (رحمه الله) تضعيفه، ولكنّ الظاهر أنّ تضعيفه يحمل على اشتباهه بسالم بن أبي سلمة على ما يظهر من عبارته (رحمه الله) من أنّ سالم بن مكرم يكنّى أبوه بأبي سلمة، بينما الآخرون ذكروا أنّ أبا سلمة كنية لنفس سالم، ولا أقلّ من احتمال استناد تضعيف الشيخ إلى ذلك بمقدار يسقط كلامه (رحمه الله) عن الحجّيّة وصحّة الاعتماد عليه.

وأمّا دلالةً: فقد ذكر السيد الخوئي أنّ هذا راجع إلى قاضي التحكيم؛ لأنّ قوله (عليه السلام): «قد جعلته قاضياً» متفرّع على قوله (عليه السلام): «فاجعلوه بينكم»، وهو القاضي المجعول(1).

أقول: لم أعرف الفرق بين التعبير الذي جاء في هذا الحديث وهو قوله (عليه السلام): «فاجعلوه بينكم فإنّي قد جعلته قاضياً»، وقوله (عليه السلام) في المقبولة: «فليرضوا به حكماً؛ فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً».

وقد فسّر السيد الخوئي الثاني بأنّه أمرٌ بالرضا به حَكَماً وإلزامٌ بذلك، وقد علّل هذا الإلزام بأنّه قد جعله حاكماً. إذاً هذا يعني ثبوت النصب في المرتبة السابقة على الرضا به، وأنّ الرضا به واجب على هذا الأساس(2).

وعين هذا التفسير يأتي في خبر أبي خديجة حيث أمره بجعله بينهم، وهذا يعني الإلزام بجعله بينهم، وعلّل ذلك بأنّه قد جعله قاضياً، وهذا يعني ثبوت النصب في المرتبة السابقة على جعله بينهم.

اللّهم إلا أن يقال: إنّ كلمة: «اجعلوه بينكم» تعطي معنى الجعل التشريعي _ أي


(1) راجع مباني تكملة المنهاج، ج 1، ص 8.

(2) نفس المصدر ، ج 1: ص 7.