المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

477

فلا شكّ في أنّه لم يؤثّر على جوّ المتشرّعين في قضاياهم الشرعية وهم يألفون فوارق من هذا النمط بين الرجال والنساء في الجمعة والجماعة والجهاد وغير ذلك من دون أن يروا أنّ في ذلك حيفاً بحقوق المرأة والعدالة بمعناها الصحيح. وقد نقّحنا في علم الأصول أنّ عدم الردع إنّما يدل على إمضاء السيرة العقلائيّة حينما تشكّل _ على تقدير عدم موافقتها لرأي الشريعة _ خطراً على أغراض الشريعة، وفي المقام لم تشكّل خطراً عليها.

وثالثاً _ أنّ عدم صدور الردع غير معلوم؛ إذاً من المحتمل صدور الردع ووصوله إلينا ضمن الأحاديث الماضية وإن ابتُليَ بمرور الزمن بالغموض سنديّاً أو دلاليّاً، وليست السيرة _ لو سلّمنا بها _ بتلك المستوى من القوّة بحيث نجزم بأنّها لو لم تكن مطابقة لرأي الشريعة لاشتدّ الردع عنها إلى حدٍّ كان يصلنا بكامل الوضوح.

هذا تمام الكلام فيما هو مقتضى القاعدة عند الشكّ في نفوذ شهادة النساء.

وأمّا الروايات الخاصّة الواردة في الموارد الخاصّة الدالّة على عدم نفوذ شهادة النساء أو نفوذها، فهي واردة في عدّة موارد:

شهادة المرأة في الحدود

المورد الأول _ الحدود: فقد ورد فيها ما يدل على عدم نفوذ شهادة النساء فيها، ما عدا الزنا الذي ورد بشأنه بشكل خاصّ ما يدل على نفوذ شهادة النساء على تفصيل في ذلك:

فقد ورد عن جميل بن دراج ومحمد بن حمران _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «قلنا: أتجوز شهادة النساء في الحدود؟ فقال: في القتل وحده، إنّ عليّاً (عليه السلام) كان يقول: لا يَبطل دم امرى‏ءٍ مسلم»(1). ولعلّ استثناء القتل قرينة على أنّ المقصود


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص258، ح1، و ج19، ص104، الباب 2 من دعوى القتل، ح1.