المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

462

شاهداً، قد استعملت الشهادة بمعنى الحضور في عدّة من الآيات منها قوله تعالى: ﴿عٰالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهٰادَةِ﴾(1) _ ويستعرض بهذا الصدد عدّة آيات _ إلى أن يقول: نعم، يستعمل لفظ الشهادة في إظهار الاعتقاد بشيءٍ كقوله تعالى: ﴿وَمٰا شَهِدْنٰا إِلا بِمٰا عَلِمْنٰا﴾(2)_ ويستعرض بهذا الصدد أيضاً عدّة آيات _ إلى أن يقول: وبما أنّ حجّية إخبار المخبر لا تثبت إلا بدليل، فما لم يكن إخباره عن حسّ وعن مشاهدة لا يكون حجّةً لعدم الدليل(3).

أقول: إنّ صدر هذا الكلام لا يتحصّل منه شيء مفهوم، فصحيح ما يظهر في آخر كلامه من التمسُّك بأصالة عدم النفوذ ما دمنا لا نملك دليلاً على نفوذ الشهادة القائمة على أساس العلم غير الحسّي، ولكن لا علاقة لذلك بما جاء في صدر حديثه من أنّ الشهادة استعملت تارةً بمعنى الحضور، وأُخرى بمعنى الإخبار والإظهار، ولا أثر لذلك فيما نحن بصدده.

ويمكن افتراض علاقة صدر حديثه بما ذكره في ذيل الحديث بأحد بيانين:

الأول _ أن يقال: إنّ الشهادة لو كانت بمعنى إظهار ما يعتقد فحسب، لكان مقتضى إطلاق الدليل نفوذ الشهادة القائمة على أساس العلم الحدسي، لكن بما أنّ الشهادة استعملت تارةً بمعنى إظهار ما يعتقد، وأُخرى بمعنى الحضور، فقد أصبح دليل نفوذ الشهادة مجملاً، فنقتصر فيه على القدر المتيقّن، وهو نفوذ الشهادة الحسّيّة، ونرجع في غيره إلى أصالة عدم النفوذ.

ويرد عليه:


(1) التوبة: 94.

(2) يوسف: 81.

(3) مباني تكملة المنهاج ، ج1، ص112 _ 113.