المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

456

البيّنة الأُولى أكثر من الشهادة بمملوكيّتها للرجل دون الشهادة بنفي البنوّة لها، وكان هذا كافياً لكونها في صالح الرجل؛ لما قلنا من أنّها لو كانت مملوكةً له وفي نفس الوقت بنتاً لها لكفى ذلك في دفعها إليه. أمّا بيّنة المرأة، فقد فرض في الحديث أنّها شهدت بأمرين: (الأول) أنّها ابنتها. (والثاني) أنّها حرّة مثلها، وكان السبب في هذا الفرض أنّه من دون هذه الزيادة سوف لن تكون البيّنة الثانية في صالح المرأة ما دامت البيّنة الأُولى شهدت بمملوكيّتها له، وذلك لما قلنا من أنّها لو كانت مملوكةً له، وفي نفس الوقت بنتاً لها، دفعت إليه. وفي هذا الفرض الثالث ذكر الحديث أنّ الجارية تدفع إلى المرأة على أنّها بنتها، وهذا واضح على مقتضى القواعد؛ لأنّ إحدى شهادتي البيّنة الثانية _ وهي شهادتها بحرّيتها _ تعارضت مع شهادة البيّنة الأُولى وتساقطتا. أمّا الشهادة الأُخرى للبيّنة الثانية _ وهي شهادتها ببنوّتها لها _ فلا معارض لها، فمن الطبيعي أن تدفع الجارية إلى المرأة.

وعلى أيّ حال فهذا حال ما وجدناه من روايات قد يستدلّ بها على نفوذ البيّنة القائمة على أساس اليد، أو الاستصحاب في الشهادة على الواقع، وقد عرفت عدم تماميّة هذه الروايات وأمثالها دلالةً.

وهناك رواية قد تدل على نفوذ الشهادة القائمة على أساس البيّنة _ وهذا غير الشهادة على الشهادة كما هو واضح _ وهي ما روي عن عمر بن يزيد _ بسند تام _ قال: «قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام): الرجل يشهدني على شهادة، فأعرف خطّي وخاتمي، ولا أذكر من الباقي قليلاً ولا كثيراً قال: فقال لي: إذا كان صاحبك ثقةً، ومعه رجل ثقة فأشهد له»(1)، فيقال: إنّ هذه شهادة قائمة على أساس البيّنه ‏المكوّنة من شهادة


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص234، الباب 8 من الشهادات، ح1.