المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

454

المرافعة. أمّا على ما وضّحناه من عدم الفرق في روح المطلب بين الصدر والذيل، نقول: لو حمل الذيل على المنع عن الشهادة بأكثر من العلم فكيف سمح في الصدر بالشهادة بذلك؟! وحمل الصدر على فرض الشهادة بمقدار العلم مع حمل الذيل على فرض الشهادة بأزيد من ذلك أيضاً غير عرفي؛ لأنّهما ذُكِرا بمنهج واحد وبصياغة واحدة بفرق تبديل الدار بالمملوك. إذاً فلو لم يكن الذيل استفهاماً إنكاريّاً فلابدّ من إرجاع علم الرواية إلى أهلها للتهافت الموجود بين صدرها وذيلها.

الرواية الخامسة _ ما ورد عن حمران بن أعين قال: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن جارية لم تدرك بنت سبع سنين مع رجل وامرأة، ادّعى الرجل أنّها مملوكة له، وادّعت المرأة أنّها ابنتها، فقال: قد قضى في هذا علي (عليه السلام) قلت: وما قضى في هذا؟ قال: كان يقول: الناس كلّهم أحرار إلا من أقرّ على نفسه بالرقّ وهو مدرك، ومن أقام بيّنة على من ادّعى من عبد أو أمة، فإنّه يدفع إليه، ويكون له رقّاً قلت: فما ترى أنت(1) قال: أرى أن أسأل الذي ادّعى أنّها مملوكة: له بيّنة على ما ادّعى؟ فإن أحضر شهوداً يشهدون أنّها مملوكة لا يعلمونه باع ولا وهب، دفعت الجارية إليه حتى تقيم المرأة من يشهد لها أنّ الجارية ابنتها حرّة مثلها، فلتدفع إليها، وتخرج من يد الرجل. قلت: فإن لم يقم الرجل شهوداً أنّها مملوكة له؟ قال: تخرج من يده، فإن أقامت المرأة البيّنة على أنّها ابنتها دفعت إليها، فإن لم يقم الرجل البيّنة على ما ادّعى، ولم تقم المرأة البيّنة على ما ادّعت، خلّي سبيل الجارية تذهب حيث تشاء»(2). وسند الحديث تام، وحمران بن أعين ثبتت وثاقته _ على الأقلّ _ برواية صفوان عنه. ومحل الشاهد


(1) يبدو أنّ هذا سؤال عن كيفيّة تطبيق الكبريات في فرض القضاء في المثال المذكور، بينما الأجوبة التي نقلها الإمام عن جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام) لم تكن قضاء بالمعنى المصطلح، و إنّما كانت كبريات عامّة.

(2) وسائل الشيعة، ج18، ص184، الباب 12 من كيفيّة الحكم، ح9.