المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

453

المرافعة، فإنّ الشهادة بالملكية السابقة كافية في كلا الموردين، والشهادة ببقاء الملكية شهادة بغير علم في كلا الموردين.

وأنا أحتمل أن يكون قوله في ذيل الحديث: «كلّما غاب من يد المرء المسلم غلامه أو أَمَتُه، أو غاب عنك لم تشهد به» استفهاماً إنكاريّاً، وبه يرتفع التهافت، فلعلّ صاحب الكتاب _ الذي كتب هذا الحديث في كتابه _ اعتمد في مقام حمل هذا الكلام على الاستفهام الإنكاري على فرض قرينيّة الصدر الصريح في جواز الشهادة.

ويؤيّد الحمل على الاستفهام الإنكاري احتمال كون ذيل هذا الحديث هو عين الحديث الأول لمعاوية بن وهب مع الاختلاف في التعبير على أساس النقل بالمعنى.

وعلى أي حال فالسيد الخوئي لم يَر تهافتاً بين صدر الحديث وذيله، ولكنّه رأى التهافت بين ذيل الحديث والحديث الأول لمعاوية بن وهب؛ حيث منع هنا عن الشهادة، وأجاز هناك الشهادة في مورد واحد، وجمع بينهما(1) بحمل الحديث الأول على الشهادة بأكثر من مقدار العلم، وحمل هذا الحديث على الشهادة بمقدار العلم، وجعل الشاهد على هذا الجمع رواية أُخرى لمعاوية بن وهب، وهي ما رُوي _ بسندٍ تام _ عن معاوية بن وهب قال: «قلت له: إنّ ابن أبي ليلى يسألني الشهادة عن هذه الدار مات فلان، وتركها ميراثاً، وأنّه ليس له وارث غير الذي شهدنا له، فقال: اشهد بما هو علمك. قلت: إنّ ابن أبي ليلى يحلّفنا الغموس، فقال: احلف إنّما هو على علمك»(2).

أقول: قد يكون هذا الحمل صحيحاً على مبناه من عدم التهافت بين الصدر والذيل؛ لكون الصدرِ ناظراً إلى فرض عدم المرافعة، والذيلِ ناظراً إلى فرض


(1) راجع مباني تكملة المنهاج، ج1، ص115.

(2) وسائل الشيعة، ج18، ص145، الباب 17 من الشهادات، ح1.