المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

449

الرجل يكون له العبد والأمة قد عرف ذلك فيقول: أَبَقَ غلامي، أو أمتي، فيكلّفونه القضاة شاهدين بأنّ هذا غلامه، أو أمته لم يبع، ولم يهب، أنشهد على هذا إذا كلّفناه؟ قال: نعم»(1) فهذه شهادة على عدم البيع والهبة وبقاء الملكيّة قائمة على أساس الاستصحاب.

إلا أنّ الظاهر أنّ هذه الرواية أجنبيّة عمّا نحن فيه، فإنّه ليس المفروض فيها دعوى المملوك البيع أو الهبة أو نحو ذلك مع الاعتراف بالملك السابق، وإلا لكان القاضي يطالب المملوك بالبيّنة لا المولى؛ لوضوح أنّ المملوك _ عندئذٍ _ هو المدّعي والمولى منكر، إذاً فمفروض المسألة إمّا هو سكوت المملوك، أو إنكاره لملكيّته إيّاه من أصلها، وفي مثل هذا الفرض تكفي الشهادة بالملكيّة السابقة مع عدم العلم بالبيع أو الهبة، ولا حاجة إلى الشهادة بعدم البيع أو الهبة، فلا مورد لنفوذها، فكأنّ الإمام إنّما سمح بالشهادة بذلك أو بما يُوهم القاضي أنّه شهادة بذلك إقناعاً لقاضي الجور الذي كان يصرّ _ ولو خطأً _ على ضرورة الشهادة بذلك، ومثل هذا لا يدل على نفوذ الشهادة القائمة على أساس الاستصحاب.

ولكنّ السيد الخوئي اعترف بتماميّة دلالة الرواية على نفوذ الشهادة القائمة على أساس الاستصحاب، وقال: إنّها مبتلاة بالمعارض، وهو ذيل رواية أُخرى لمعاوية ابن وهب «...قلت: الرجل يكون له العبد والأمة، فيقول: أبِقَ غلامي أو أبِقَتْ أَمَتي، فيؤخذ بالبلد فيكلّفه القاضي البيّنة أنّ هذا غلام فلان لم يبعه، ولم يهبه، أفنشهد على هذا إذا كلّفناه ونحن لم نعلم أنّه أحدث شيئاً؟ فقال: كلّما غاب من يد المرء


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص246، الباب 17 من الشهادات، ح3.